اسم الکتاب : الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون المؤلف : الحفناوي، منصور الجزء : 1 صفحة : 355
فيه- وهو جاهل بتحريم الله تعالى له، فلا شيء عليه فيه- لا إثم ولا حد، ولا ملامة- لكن يعلم، فإن عاد أقيم عليه حد الله تعالى، فإن ادعى جهالة نظر، فإن كان ذلك ممكنًا، فلا حد عليه أصلا، وقد قال قومه بتحليفه، ولا نرى عليه حدًا، ولا تحليفًا- وإن كان متيقنًا أنه كاذب لم يلتفت إلى دعواه".
واستدل ابن حزم على ما ذهب إليه بأدلة كثيرة، منها ما روي عن السلف من أن امرأة أتت علي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنه، فقالت: إن زوجي زنى بجاريتي، فقال: صدقت، هي ومالها لي حل، فقال له علي: اذهب ولا تعد، كأنه درء عنه الحد بالجهالة[1].
من هنا كان القول: بأن من يجهل الحكم جهلًا يعد معذورا فيه كان جهله هذا مسقطا العقوبة الحدية عنه، سواء أكان جهله نتيجة عدم وصول الحكم الشرعي إليه دون تقصير منه، أم كان الحكم من الدقة بحيث لا يصل إلى معرفته إلا المتخصصون، وكان من جهله في مكان لا يستطيع فيه لقاء المتخصصين، أو سؤالهم.
ويعد الحل بالحكم دارئًا للعقوبة الحدية في الحالات الآتية:
أولًا: إذا كانت سبل العلم بالحكم بعيدة المنال، ووسائله غير ميسرة، وذلك كجهل من يقين بعيدًا عن الديار الإسلامية بأحكام الإسلام، فالجهل هنا بكل أحكام الإسلام لعدم وصول التبليغ، فلا عقوبة إذا ولا إثم.
ثانيًا: جهل من أسلم حديثًا بالأحكام الشرعية التي لم يتيسر له معرفتها لكونه قد نشأ بعيدًا عن الديار الإسلامية، ولم تكن هذه الأحكام معروفة له، ولم يكن النظام الذي كان يدين به قبل أن يسلم [1] المحلى لابن حزم ج13 ص118، 119.
اسم الکتاب : الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون المؤلف : الحفناوي، منصور الجزء : 1 صفحة : 355