اسم الکتاب : الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون المؤلف : الحفناوي، منصور الجزء : 1 صفحة : 354
كما أن حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد بين أن من من أخطأ في إتيان عمل ما من الأعمال المحرمة مع علمه بالتحريم، فلا يعاقب عليه، وهذا أحسن حالًا ممن لم يعلم الحكم أساسًا، فالثاني أولى بالعفو لعدم تبليغ الحكم إليه؛ لأن التبليغ أساس التكليف، وهذا ما نُقل عن الصحابة رضوان الله عليهم، إذ يقول ابن قدامة: "ولا حد على من لم يعلم تحريم الزنا، قال عمر وعثمان وعلي: لا حد إلا على من علمه، وبهذا قال عامة أهل العلم، فإن ادعى الزاني الجهل بالتحريم، وكان يحتمل أن يجهله كحديث عهد بالإسلام، والناشيء ببادية، قبل منه؛ لأنه يجوز أن يكون صادقًا ... "إلى أن يقول"، وإن ادعى الجهل بفساد نكاح باطل قبل قوله؛ لأن عمر قبل قول المدعى الجهل بتحريم النكاح في العدة؛ ولأن مثل هذا يجهل كثيرًا، ويخفى على غير أهل العلم"[1].
وروي عن عمر رضي الله تعالى عنه، لما كتب إليه في شأن الرجل الذي قيل له: متى عهدك بالنساء؟ فقال: البارحة، قيل: بمن؟ قال: بفلانة، فقيل له: هلكت، قال: ما علمت أن الله حرم الزنا -أجاب عمر بأن يستحلف ما علم أن الله حرم الزنا، ثم يخلي سبيله[2].
وقد توسع ابن حزم في القول بإسقاط العقوبة بسبب جهل الجاني بحكم ما وقع منه من أفعال، سواء أكانت أفعالًا يعاقب عليها بالعقوبة الحدية، أو بالعقوبة التعزيرية، متى أمكن تصديق الجاني في ادعائه جهل الحكم.
يقول ابن حزم: "من أصاب شيئًا محرمًا -فيه حد أو لا حد [1] المغني ج8 ص185. [2] السنن الكبرى للبيهقي ج8 ص239 "ط دار المعارف حيدر آباد سنة 1353هـ"، والمهذب للشيرازي ج2 ص267.
اسم الکتاب : الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون المؤلف : الحفناوي، منصور الجزء : 1 صفحة : 354