responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 121
[القصاص في الأعراض]
فصل وَالْقِصَاصُ فِي الْأَعْرَاضِ مَشْرُوعٌ أَيْضًا: وَهُوَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا لَعَنَ رَجُلًا أَوْ دَعَا عَلَيْهِ، فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ كَذَلِكَ. وَكَذَلِكَ إذَا شتمه: بشتمة لَا كَذِبَ فِيهَا. وَالْعَفْوُ أَفْضَلُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ - وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى: 40 - 41] (سورة الشورى: الآيتان 40، 41) . وقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْتَبَّانِ: مَا قَالَا فَعَلَى الْبَادِئِ مِنْهُمَا مَا لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُومُ» . وَيُسَمَّى هَذَا الِانْتِصَارَ. وَالشَّتِيمَةُ الَّتِي لَا كَذِبَ فِيهَا مِثْلُ الْإِخْبَارِ عَنْهُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْقَبَائِحِ، أَوْ تَسْمِيَتِهِ بِالْكَلْبِ أَوْ الْحِمَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَأَمَّا إنْ افْتَرَى عَلَيْهِ، لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَفْتَرِيَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَفَّرَهُ أَوْ فَسَّقَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يُكَفِّرَهُ أَوْ يُفَسِّقَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَوْ لَعَنَ أَبَاهُ أَوْ قَبِيلَتَهُ، أَوْ أَهْلَ بَلَدِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَتَعَدَّى على أولئك، فإنهم لم يظلموه. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] (سورة المائدة: من الآية 8) . فَأَمَرَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ أَلَّا يَحْمِلَهُمْ بُغْضُهُمْ لِلْكُفَّارِ عَلَى أَلَّا يَعْدِلُوا. وَقَالَ: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] (سورة المائدة من الآية 8) .
فَإِنْ كَانَ الْعُدْوَانُ عَلَيْهِ فِي الْعِرْضِ مُحَرَّمًا لحقه؛ لما يلحقه من الأذى، جاز الاقتصاص منه بمثله، كالدعاء عليه بمثل مَا دَعَاهُ؛ وَأَمَّا إذَا كَانَ مُحَرَّمًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، كَالْكَذِبِ، لَمْ يَجُزْ بِحَالٍ، وَهَكَذَا قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ: إذَا قَتَلَهُ بِتَحْرِيقٍ، أَوْ تَغْرِيقٍ، أَوْ خَنْقٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِهِ كَمَا فَعَلَ، مَا لَمْ يَكُنْ الْفِعْلُ مُحَرَّمًا فِي نَفْسِهِ كَتَجْرِيعِ الْخَمْرِ وَاللِّوَاطِ بِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا قَوَدَ عليه إلا بالسيف. والأول أشبه بالكتاب والسنَّة والعدل.

اسم الکتاب : السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 121
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست