responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 122
فصل
وَإِذَا كَانَتْ الْفِرْيَةُ، وَنَحْوُهَا لَا قِصَاصَ فِيهَا؛ فَفِيهَا الْعُقُوبَةُ بِغَيْرِ ذَلِكَ. فَمِنْهُ حَدُّ الْقَذْفِ الثَّابِتِ فِي الْكِتَابِ والسنَّة والإجماعِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ - إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 4 - 5] (سورة النور: الآيتان 4، 5) .
فإذا رمى الحر محصنا بالزنا واللواط فَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ، وَهُوَ ثَمَانُونَ جَلْدَةً، وَإِنْ رَمَاهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ عُوقِبَ تَعْزِيرًا.
وَهَذَا الْحَدُّ يَسْتَحِقُّهُ الْمَقْذُوفُ، فَلَا يُسْتَوْفَى إلَّا بِطَلَبِهِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ. فَإِنْ عَفَا عَنْهُ سَقَطَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، لِأَنَّ الْمُغَلَّبِ فِيهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ، كَالْقِصَاصِ وَالْأَمْوَالِ. وَقِيلَ: لَا يَسْقُطُ، تَغْلِيبًا لِحَقِّ اللَّهِ، لعدم المماثلة، كسائر الحدود. وإنما يجب حد الْقَذْفُ إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ مُحْصَنًا، وَهُوَ الْمُسْلِمُ الْحُرُّ الْعَفِيفُ.
فَأَمَّا الْمَشْهُورُ بِالْفُجُورِ فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ، وَكَذَلِكَ الْكَافِرُ وَالرَّقِيقُ لَكِنْ يُعَزَّرُ الْقَاذِفُ؛ إلَّا الزَّوْجَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْذِفَ امْرَأَتَهُ إذَا زَنَتْ وَلَمْ تَحْبَلَ مِنْ الزِّنَا. فَإِنْ حَبِلَتْ مِنْهُ وَوَلَدَتْ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْذِفَهَا، وَيَنْفِيَ وَلَدَهَا؛ لِئَلَّا يَلْحَقَ بِهِ مَنْ لَيْسَ مِنْهُ. وَإِذَا قَذَفَهَا فَإِمَّا أَنْ تُقِرَّ بِالزِّنَا، وإما أن تلاعنه، كما ذكره الله فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَلَوْ كَانَ الْقَاذِفُ عَبْدًا فَعَلَيْهِ نِصْفُ حَدِّ الْحُرِّ، وَكَذَلِكَ فِي جَلْدِ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي الْإِمَاءِ: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] (سورة النساء: من الآية 25) . وَأَمَّا إذَا كَانَ الْوَاجِبُ الْقَتْلَ، أَوْ قَطْعَ اليد، فإنه لا يتنصف.

اسم الکتاب : السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 122
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست