responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الخلافة المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 108
الْكَبِير فِي رَأْيهمْ وعملهم فِيهَا، وَنثْبت بالدلائل أَن أصُول الْحُكُومَة الإسلامية أرقى من أصُول سَائِر حكومات الْأُمَم، بجمعها بَين دفع الْمَفَاسِد وَحفظ الْمصَالح المادية، وَبَين الْحق وَالْعدْل والفضائل الَّتِي يتهذب بهَا الْبشر وتكمل الإنسانية، وَأَن نَدْعُو هَذِه الْأمة التركية الإسلامية إِلَى إِقَامَة حُكُومَة الْإِسْلَام كَمَا أَمر الله وَرَسُوله وخلفاؤه الراشدون خير أمة أخرجت للنَّاس وَلَو كره المتفرنجون {ليَهْلكَ من هلك عَن بَيِّنة، ويحيا من حَيَّ عَن بَيِّنَة وَإِن الله لسميع عليم}
مَا بَين الاشتراع وَحَال الْأمة من تبَاين وتوافق:

وضع الإسام قَوَاعِد عَامَّة لأنواع الْمُعَامَلَات الدُّنْيَوِيَّة راعي فِيهَا هِدَايَة الدّين وَتَقْيِيد حكومته بِالْتِزَام الْفَضَائِل وَاجْتنَاب الرذائل، فَلم يَجْعَل مَا فوض إِلَى أولى الْأَمر فِيهَا من الاستنباط - الاشتراع - مُطلقًا من كل قيد لِئَلَّا يجنوا على آدَاب الْأمة خطأ فِي الِاجْتِهَاد، أَو اتبَاعا للهوى إِذا غلب عَلَيْهِم الْفساد، فَحرم الرِّبَا الَّذِي كَانَ فاشياً فِي الْجَاهِلِيَّة، لما فِيهِ من الْقَسْوَة وَالْبخل والطمع الَّذِي يحمل على استغلال ضَرُورَة الْمُحْتَاج، كَمَا حرم الْغِشّ والخيانة، وَجعل الْأمة متكافلة بِمَا أوجب من النَّفَقَة على الْقَرِيب، وَالزَّكَاة لإِزَالَة ضَرُورَة الْفَقِير والمسكين، ولغير ذَلِك من الْمصَالح الْعَامَّة، وَجعل لكل امْرَأَة كافلا يقوم بأمرها من زوج أَو قريب، وَإِلَّا فالإمام الْأَعْظَم أَو نَائِبه، لِئَلَّا تضطر إِلَى مَا يشق عَلَيْهَا الْقيام بِهِ من الْكسْب مَعَ قِيَامهَا بوظائفها الْخَاصَّة بهَا من الْحمل والوضع وَالرضَاعَة وتربية الْأَطْفَال، فَيكون اضطرارها إِلَى الْحَيَاة الاستقلالية سَببا لقلَّة النَّسْل ولغير ذَلِك من الْمَفَاسِد.
وَقد كَانَ تَأْثِير ضعف الدّين فِي الشعوب الإسلامية وحكوماتها أَن ترك كل مِنْهُمَا مُرَاعَاة مَا يجب عَلَيْهِ من تِلْكَ الْقَوَاعِد والتزام أَحْكَامهَا، فترتب على ذَلِك احْتِيَاج كل مِنْهُمَا إِلَى ارْتِكَاب بعض الْمَحْظُورَات كالربا إِمَّا اضطراراً وَإِمَّا اخْتِيَارا ترجح فِيهِ المصحلة على الْمفْسدَة رجحاناً ظَاهرا.
هَذَا الِاحْتِيَاج الَّذِي يدْفع صَاحبه إِلَى ارْتِكَاب الْمحرم إِذا لم يجد لَهُ مخرجا لَا يعرض فِي الْإِقْرَاض كَمَا يعرض فِي الِاقْتِرَاض، فَكَانَ من أَثَره أَن الْمُسلمين

اسم الکتاب : الخلافة المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 108
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست