responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الخلافة المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 107
الْقَضَاء تَقْلِيده إِيَّاه أَبَا أُميَّة الأخوص الْفُلَانِيّ الْبَصْرِيّ أه، وَذكر أَنه إِنَّمَا قَلّدهُ لموعدة وعدها إِيَّاه، إِذْ أَوَى إِلَيْهِ واختفى عِنْده فِي أَيَّام محنته.
وَأَقُول أَن ابْن الْفُرَات كَانَ من أقدر الوزراء وأعلمهم بشئون الْملك والسياسة، وَكَانَ حسن السِّيرَة، وَإِنَّمَا جرأه على مثل هَذَا جهل الْخَلِيفَة وانصرافه إِلَى اللَّهْو واللعب، ثمَّ التَّلَذُّذ والإسراف فِي اللَّذَّات، فَإِنَّهُ ولي وَله ثَلَاث عشرَة سنة: قَالَ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ: اخْتَلَّ أَمر النظام كثيرا فِي أَيَّام المقتدر بصغره. يَعْنِي أَن الْخلَل قد طَرَأَ قبله من ايام المتَوَكل بن المعتصم، إِذْ كَانَ قد اشْتَدَّ عَبث التّرْك الَّذين استكثر مِنْهُم المعتصم، وجعلهم عدَّة الْخلَافَة وسياجها، فَكَانُوا هم الَّذين دكوا بنيانها وهدموا أَرْكَانهَا. وَالْعلَّة الأولى لهَذَا كُله بِدعَة ولَايَة الْعَهْد الَّتِي استدلوا عَلَيْهَا باستخلاف أبي بكر لعمر (رَضِي الله عَنهُ) فجعلتها الْقُوَّة حَقًا لكل خَليفَة وَإِن كَانَ متغلباً لَا يعد من أَئِمَّة الْحق، وَلم يراع مَا رعاه أَبُو بكر من استشارة أهل الْحل وَالْعقد وَقد بَينا بطلَان هَذَا فِي الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة من هَذَا الْبَحْث.
فَعلم بِهَذَا القَوْل الْوَجِيز أَن التساهل فِي بعض شُرُوط الْخلَافَة الَّتِي عَلَيْهَا مدارها وَهِي الْعلم الاستقلالي وَالْعَدَالَة والشورى بِنصب الإِمَام وَفِي تصرفه، قد كَانَ معلولا للتغلب وَعلة لفقد الاشتراع - الاستنباط - الَّذِي لَا يقوم أَمر الدولة وَلَا يطّرد ارتقاؤها وَلَا حفظهَا بِدُونِهِ، فَكَانَ هَذَا عِلّة لضعف الدولة، وَكَانَ ضعف الدولة عِلّة لضعف الْأمة، إِذْ صَارَت تَابِعَة للدولة لَا متبوعة وَكَانَ فَسَاد أَمرهمَا مَعًا عِلّة لتغيرات كَثِيرَة فِي الْأَحْوَال الاجتماعية وشئون الْمَعيشَة تَقْتَضِي أحكاماً شَرْعِيَّة أُخْرَى غير الَّتِي كَانَ الْأَمر عَلَيْهَا قبلهَا، أَو تعود الْإِمَامَة الْحق إِلَى أَصْلهَا.
وَنَحْمَد الله أَن ظهر لأركان الدولة التركية الَّتِي تنحّلُ منصب الْخلَافَة أَن الدولة العثمانية كَانَت فَاسِدَة، وَأَنَّهَا لم تكن بعد دَعْوَة الْخلَافَة خيرا من قبلهَا، بل لم تلبث أَن دب إِلَيْهَا الْخلَل والضعف بالتدريج فِي كل من أُمُور الدّين وَالدُّنْيَا، حَتَّى صَار كثير من نابتتها المتفرنجين يصرحون بِأَن الْإِسْلَام هُوَ الَّذِي جنى عيها، وَأَن حكم الْخلَافَة هُوَ الْفَاسِد الَّذِي لَا يُمكن صَلَاح حَالهَا مَعَه، فتسنى لنا أَن نبين لَهَا وللعالم الإسلامي الَّذِي كَانَ أَكْثَره مفتوناً بهَا أَنَّهَا لم تكن قَائِمَة على أصُول الشَّرِيعَة فِي الْخلَافَة، وَأَن نبين حَقِيقَة الْخلَافَة وشكل الْحُكُومَة الإسلامية الْحق وَخطأ جُمْهُور أَعْضَاء الْمجْلس الوطني

اسم الکتاب : الخلافة المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 107
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست