اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 284
والحنث والغدر في ذاته ليس سبباً لتحريم المال المباح أو تحليل المال المحرم.
والحكم كذلك لو كانا حربيين أدان أحدهما الآخر في دار الحرب ثم خرجا إلى دار الإسلام مستأمنين فلا يقضي بينهما في الدين؛ لأنه لا ولاية لنا عليهم وقت الدين ولا وقت التقاضي، أما إذا خرجا إلى دار الإسلام مسلمين، فإن القاضي يقضي بينهما لثبوت الولاية عليهما وقت التقاضي [1] .
وإذا غصب المسلم أو الذمي مسلماً أو ذمياً في دار الحرب أو أدانه فلا عقوبة على الغصب، ولكن يقضى بالدين وبضمان المغصوب، والعلة في امتناع العقاب هي انعدام الولاية على محل الجريمة وقت وقوعها، والعلة في القضاء بالدين والضمان هي قيام الولاية على المتقاضين وقت التقاضي.
ونستطيع أن نستخلص مما سبق أن الجرائم التي تقع في دار الحرب من مسلم أو ذمي على حربي لا يعاقب عليها، طبقاً لرأي أبي حنيفة، لانعدام الولاية على محل الجريمة وقت وقوعها، ولا تختص المحاكم في دار الإسلام بالنظر فيما يطلبه المجني عليه أو أولياؤه من ضمان مالي عن هذه الجرائم. وكذلك الحكم إذا كان المجني عليه في حكم الحربي كالأسير المسلم أو المسلم الذي لم يهاجر إلى دار الإسلام.
أما إذا كان المجني عليه من أهل دار الإسلام فإن الجرائم لا يعاقب عليها أيضاً لانعدام الولاية على محل الجريمة، ولكن المحاكم في دار الإسلام تختص بالنظر فيما يطلبه المجني عليه أو أولياؤه من ضمان مالي عن الجريمة التي وقعت في دار الحرب، وعلى المحاكم أن تقضي بهذا الضمان ولو كان يعتبر عقوبة من بعض الوجوه، كالدية فإنها تعتبر تعويضاً من وجه وعقوبة من وجه آخر، ومعنى ذلك أن المحاكم ممنوعة من توقيع العقوبات البحتة؛ أما العقوبة التي فيها معنى تعويض [1] بدائع الصنائع ج7 ص132، 133.
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 284