اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 283
ولأبي يوسف رأي مخالف في هذه النقطة، فهو يرى أن المسلم والذمي عليهما - إذا دخلا دار الحرب - أن يلتزما أحكام الإسلام، فلا يفعلان ما يحرمه ولو كان مباحاً في دار الحرب، وما دام الربا محرماً بنصوص الشريعة فهو محرم في دار الإسلام وفي دار الحرب. ويفرق محمد بين المعاملة بالربا مع حربي وبين المعاملة مع مسلم لم يهاجر إلينا، ويرى أن التعاقد بالربا مع حربي في دار الحرب جائز للسبب الذي يذكره أبو حنيفة، أما التعاقد بالربا مع مسلم لم يهاجر إلينا فهو جائز [1] .
ومن المتفق عليه في مذهب أبي حنيفة أنه لا يجوز للمسلم والذمي أن يتعاقد أحدهما مع الآخر على الربا في دار الحرب، كما لا يجوز لهما ذلك في دار الإسلام، فإن تعاقدا في دار الحرب فلا عقاب لانعدام الولاية على محل الجريمة وقت وقوعها، ولكن على آخذ الربا الضمان أي رد ما أخذه ولو كان الآخر في دار الحرب؛ لأن الرد ليس عقوبة وتكفي فيه الولاية على المتقاضين وقت التقاضي.
وإذا دخل المسلم أو الذمي دار الحرب مستأمناً فأدان حربياً أو أدانه حربي ثم خرج المسلم أو الذمي إلى دار الإسلام، وخرج الحربي إليها مستأمناً، فإن القاضي لا يقضي لواحد منهما على صاحبه بالدين.
وكذلك لو غصب أحدهما صاحبه شيئاً لا يقضي بالغصب؛ لأن المداينة في دار الحرب وقعت هدراً لانعدام ولايتنا عليهم، وانعدام ولايتهم في حقنا أيضاً، وكذلك الغصب؛ ولأن المداينة والغصب يصادف كلاهما مالاً غير مضمون، إذا الأصل أن مال أهل دار الإسلام مباح للحربي، ومال الحربيين مباح لأهل دار الإسلام، وإنما التزم المسلم أو الذمي بعقد الأمان أن يكف عن أذى الحربيين أثناء إقامته في دارهم وأن ينصفهم، كما التزموا هم بعقد الأمان أن ينصفوا المسلم أو الذمي المستأمن وأن يكفوا عن إيذائه.
فإذا غضب أحد الطرفين الآخر شيئاً فقد غصب مالاً مباحاً له، ولكنه حنث بعهده وغدر وآذى من تعهد بالكف عن إيذائه ولم ينصفه [1] بدائع الصنائع ج7 ص132.
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 283