responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 144
مالكي يقول بعد أن يعدد جرائم القصاص والديات وجرائم الحدود: "وما عداها فيوجب التعزير، وهو موكول لاجتهاد الإمام. ويعزر الإمام لمعصية الله أو لحق آدمي" [1] .
وهذا فقيه حنبلي يقول: "التعزير هو التأديب وهو واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة، وأقله غير مقدر فيرجع فيه إلى اجتهاد الإمام والحاكم فيما يراه وما يقتضيه حال الشخص" [2] .
فهذه كلمات القليلة عن التعزير لا يمكن فهمها على حقيقتها إلا إذا فهم معنى المعصية، ومعنى الحد، ومعنى الكفارة، ومعنى العقوبة المقدرة، والعقوبة غير المقدرة.
ولقد بينا معنى المعصية والكفارة فيما سبق فلنبين الآن معنى الحد. والحد: هو العقوبة المقدرة شرعاً، ومعنى أنها مقدرة شرعاً أن الشارع عين نوعها وبين مقدارها بنفسه، ولم يترك للقاضي حق تعيينها أو تقديرها، ولم يجعل له أن ينقص منها أو يزيد فيها، أو يستبدل بها غيرها، أو يوقف تنفيذها، فهي عقوبة لازمة، وهي عقوبة تصبح بتعيينها وتقديرها ذات حد واحد ولو كانت طبيعتها تسمح بأن تكون ذات حدين، فعقوبة الزاني غير المحصن عقوبة مقدرة وهي الجلد مائة جلدة لا تنقص واحدة ولا تزيد واحدة، وقد أصبحت بهذا التعيين والتحديد عقوبة ذات حد واحد، ولو أن طبيعتها تسمح بأن تكون ذات حدين، وعقوبة القذف ثمانون جلدة لا تزيد واحدة ولا تنقص واحدة؛ فهي عقوبة مقدرة.
وعقوبة القصاص مقدرة بطبيعتها؛ لأنها لا تزيد ولا تنقص شيئاً عما فعله الجاني. وعقوبة الدية مقدرة؛ لأنها ذات حد واحد بتعيينها وتحديد مقدارها، بحيث لا يستطيع القاضي أن يزيد فيها أو ينقص منها.
أما العقوبة غير المقدرة فهي: كل عقوبة تُرك للقاضي اختيار نوعها من بين عقوبات متعددة، وتُرك له أن يقدر كمها - إذا لم تكن بطبيعتها ذات حد

[1] مواهب الجليل ج6 ص319
[2] الإقناع ج4 ص268
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 144
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست