اسم الکتاب : الإدارة في عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المؤلف : أحمد عجاج كرمى الجزء : 1 صفحة : 177
خلال ما ذكرته المصادر من أن النبي صلّى الله عليه وسلم وجد في حصونهم- بعد إخراجهم من المدينة- كثيرا من الات الصياغة [1] ، وقام هؤلاء بصناعة الحلي، واستخدام الذهب والفضة في علاج بعض الأعضاء البشرية التي تصاب في المعارك، ذكر ابن سعد (ت 230 هـ) أن عثمان بن عفان كان يربط أسنانه بالذهب [2] ، وروى ابن حجر (ت 852 هـ) أن الضحاك بن عرفجة «قد أصيب أنفه في إحدى المعارك، فصنع له أنف فضة، فأنتن، فأمره الرسول صلّى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفا من ذهب» [3] ، وقام هؤلاء أيضا بصناعة الخواتم، وتحلية السيوف وتزيينها بالذهب أو الفضة تكريما للسلاح واعتزازا به [4] .
حاولت الدولة في فترة الرسالة استغلال بعض مناجم المعادن الموجودة في الجزيرة العربية، فقد أقطع النبي صلّى الله عليه وسلم بلالا بن الحارث المزني معادن قبيلته، وهي من أعمال الفرع بالمدينة وكتب له بذلك كتابا [5] ، وهناك إشارة توضح أن النبي صلّى الله عليه وسلم أقطع معدن «الأحسن» قرب المدينة، و «بحران» بعض القبائل من أجل استغلالها وإفادة الدولة منها [6] .
واشتهرت أيضا في المدينة صناعة «الخواصة» وهي نسج بعض الأدوات والأثاث من خوص النخيل، وقد تعلم سلمان هذه المهنة واتخذها حرفة يأكل منها [7] ، وظهرت مهنة «الخياطة» بشكل كبير، ذلك بأنّ المجتمع الإسلامي بدأ يتجه إلى الاستقرار الحضري، وهذه مرتبطة بشكل كبير بأهل الحضر، يتضح هذا من قول ابن خالدون (ت 808 هـ) : «وهذه الصناعة مختصة بالعمران الحضري؛ لأن أهل البدو يستغنون عنها، وإنما يشتملون الأثواب اشتمالا، وإنما تفصيل الثياب وتقديرها، وإلحامها بالخياطة للباس من مذاهب الحضارة وفنونها [8] » ومما يشير إلى وجود هذه المهنة في زمن الرسول صلّى الله عليه وسلم أن البخاري (ت 256 هـ) وضع بابا في صحيحه سماه «باب ذكر الخياط» «9» [1] الواقدي، المغازي (ج 1، ص 179) . الطبري، تاريخ (ج 2، ص 481) . [2] ابن سعد، الطبقات (ج 3، ص 58) . الكتاني، التراتيب الإدارية (ج 2، ص 66) . [3] ابن حجر، الإصابة (ج 2، ص 207) الكتاني، التراتيب الإدارية (ج 2، ص 65) . [4] العمري، الحرف والصناعات (ص 223) . [5] أبو عبيد، الأموال (ص 398) . البلاذري، فتوح (ص 22) . ونص الكتاب: «بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما أعطى محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلم بلالا بن الحارث أعطاه معادن القبيلة جلسيها وغوريها، وحيث يصلح الزرع من قدس ولم يعطه حقّا لمسلم» . وانظر: حميد الله، مجموعة الوثائق، وثيقة رقم (163) ، (ص 269) . [6] ياقوت، معجم (ج 1، ص 112، 341) . [7] ابن عبد البر، الاستيعاب (ج 2، ص 635) . [8] ابن خالدون، المقدمة (ص 411) .
(9) البخاري، الصحيح (ج 3، ص 79) .
اسم الکتاب : الإدارة في عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المؤلف : أحمد عجاج كرمى الجزء : 1 صفحة : 177