responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 44
وَفِي الْخُرُوجِ مِنْهَا نَقْصٌ كَامِلٌ.
وَأَمَّا ذَهَابُ الْبَصَرِ فَيَمْنَعُ مِنْ عَقْدِ الْإِمَامَةِ وَاسْتِدَامَتِهَا، فَإِذَا طَرَأَ بَطَلَتْ بِهِ الْإِمَامَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَبْطَلَ وِلَايَةَ الْقَضَاءِ، وَمَنَعَ مِنْ جَوَازِ الشَّهَادَةِ، فَأَوْلَى أَنْ يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْإِمَامَةِ، وَأَمَّا عَشَاءُ الْعَيْنِ وَهُوَ أَنْ لَا يُبْصِرَ عِنْدَ دُخُولِ اللَّيْلِ، فَلَا يَمْنَعُ مِنَ الْإِمَامَةِ فِي عَقْدٍ وَلَا اسْتِدَامَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَرَضٌ فِي زَمَانِ الدَّعَةِ يُرْجَى زَوَالُهُ.
وَأَمَّا ضَعْفُ الْبَصَرِ، فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ بِهِ الْأَشْخَاصَ إذَا رَآهَا لَمْ يُمْنَعْ مِنَ الْإِمَامَةِ، وَإِنْ كَانَ يُدْرِكُ الْأَشْخَاصَ وَلَا يَعْرِفُهَا مُنِعَ مِنَ الْإِمَامَةِ عَقْدًا وَاسْتِدَامَةً.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الْحَوَاسِّ الَّتِي لَا يُؤَثِّرُ فَقْدُهَا فِي الْإِمَامَةِ فَشَيْئَانِ:
أَحَدُهُمَا: الْخَشْمُ فِي الْأَنْفِ الَّذِي لَا يُدْرِكُ بِهِ شَمَّ الرَّوَائِحِ.
وَالثَّانِي: فَقْدُ الذَّوْقِ الَّذِي يُفَرِّقُ بِهِ بَيْنَ الطُّعُومِ، فَلَا يُؤَثِّرُ عَلَى هَذَا فِي عَقْدِ الْإِمَامَةِ؛ لِأَنَّهُمَا يُؤَثِّرَانِ فِي اللَّذَّةِ وَلَا يُؤَثِّرَانِ فِي الرَّأْيِ وَالْعَمَلِ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مِنَ الْحَوَاسِّ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا فَشَيْئَانِ:
الصَّمَمُ وَالْخَرَسُ فَيَمْنَعَانِ مِنِ ابْتِدَاءِ عَقْدِ الْإِمَامَةِ؛ لِأَنَّ كَمَالَ الْأَوْصَافِ بِوُجُودِهِمَا مَفْقُودٌ، وَاخْتُلِفَ فِي الْخُرُوجِ بِهِمَا مِنَ الْإِمَامَةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَخْرُجُ بِهِمَا مِنْهَا كَمَا يَخْرُجُ بِذَهَابِ الْبَصَرِ لِتَأْثِيرِهِمَا فِي التَّدْبِيرِ وَالْعَمَلِ.
وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَخْرُجُ بِهِمَا مِنَ الْإِمَامَةِ لِقِيَامِ الْإِشَارَةِ مَقَامَهُمَا، فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا إلَّا بِنَقْصٍ كَامِلٍ، وَقَالَ آخَرُونَ: إنْ كَانَ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ لَمْ يَخْرُجْ بِهِمَا مِنَ الْإِمَامَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُهَا خَرَجَ مِنَ الْإِمَامَةِ بِهِمَا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مَفْهُومَةٌ وَالْإِشَارَةُ مَوْهُومَةٌ، وَالْأَوَّلُ مِنَ الْمَذَاهِبِ أَصَحُّ.
وَأَمَّا تَمْتَمَةُ اللِّسَانِ وَثِقَلُ السَّمْعِ مِنْ إدْرَاكِ الصَّوْتِ إذَا كَانَ عَالِيًا فَلَا يَخْرُجُ بِهِمَا مِنَ الْإِمَامَةِ إذَا حَدَثَا، وَاخْتُلِفَ فِي ابْتِدَاءِ عَقْدِهَا مَعَهُمَا، فَقِيلَ بِمَنْعِ ذَلِكَ مِنِ ابْتِدَاءِ عَقْدِهَا؛ لِأَنَّهُمَا نَقْصٌ يَخْرُجُ بِهِمَا عَنْ حَالِ الْكَمَالِ، وَقِيلَ: لَا يَمْنَعُ؛ لِأَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- لَمْ تَمْنَعْهُ عُقْدَةُ لِسَانِهِ عَنِ النُّبُوَّةِ، فَأَوْلَى أَنْ لَا يَمْنَعَ مِنَ الْإِمَامَةِ.

اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 44
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست