responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 43
فَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا.
فَذَهَبَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ إلَى أَنَّهَا تَمْنَعُ مِنِ انْعِقَادِ الْإِمَامَةِ وَمِنِ اسْتِدَامَتِهَا وَيَخْرُجُ بِحُدُوثِهِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَوَى حُكْمُ الْكُفْرِ بِتَأْوِيلٍ وَغَيْرِ تَأْوِيلٍ وَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَ حَالُ الْفِسْقِ بِتَأْوِيلٍ وَغَيْرِ تَأْوِيلٍ.
وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْبَصْرَةِ: إنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنِ انْعِقَادِ الْإِمَامَةِ وَلَا يُخْرَجُ بِهِ مِنْهَا، كَمَا لَا يَمْنَعُ مِنْ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَجَوَازِ الشَّهَادَةِ.
وَأَمَّا مَا طَرَأَ عَلَى بَدَنِهِ مِنْ نَقْصٍ فَيَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: نَقْصُ الْحَوَاسِّ، وَالثَّانِي: نَقْصُ الْأَعْضَاءِ، وَالثَّالِثُ: نَقْصُ التَّصَرُّفِ.
فَأَمَّا نَقْصُ الْحَوَاسِّ فَيَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
قِسْمٌ يَمْنَعُ مِنَ الْإِمَامَةِ، وَقِسْمٌ لَا يَمْنَعُ مِنْهَا، وَقِسْمٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.
فَأَمَّا الْقِسْمُ الْمَانِعُ مِنْهَا فَشَيْئَانِ:
أَحَدُهُمَا: زَوَالُ الْعَقْلِ، وَالثَّانِي: ذَهَابُ الْبَصَرِ، فَأَمَّا زَوَالُ الْعَقْلِ فَضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا كَانَ عَارِضًا مَرْجُوَّ الزَّوَالِ كَالْإِغْمَاءِ، فَهَذَا لَا يَمْنَعُ مِنَ انْعِقَادِ الْإِمَامَةِ، وَلَا يُخْرِجُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ مَرَضٌ قَلِيلُ اللّبْسِ، سَرِيعُ الزَّوَالِ، وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَرَضِهِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَا كَانَ لَازِمًا لَا يُرْجَى زَوَالُهُ؛ كَالْجُنُونِ وَالْخَبَلِ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُطْبِقًا دَائِمًا لَا يَتَخَلَّلُهُ إفَاقَةٌ، فَهَذَا يَمْنَعُ مِنْ عَقْدِ الْإِمَامَةِ وَاسْتِدَامَتِهَا، فَإِذَا طَرَأَ هَذَا بَطَلَتْ بِهِ الْإِمَامَةُ بَعْدَ تَحَقُّقِهِ وَالْقَطْعِ بِهِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَتَخَلَّلَهُ إفَاقَةٌ يَعُودُ بِهَا إلَى حَالِ السَّلَامَةِ فَيُنْظَرُ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ زَمَانُ الْخَبَلِ أَكْثَرَ مِنْ زَمَانِ الْإِفَاقَةِ فَهُوَ كَالْمُسْتَدِيمِ يَمْنَعُ مِنْ عَقْدِ الْإِمَامَةِ وَاسْتِدَامَتِهَا، وَيُخْرِجُ بِحُدُوثِهِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ زَمَانُ الْإِفَاقَةِ أَكْثَرَ مِنْ زَمَانِ الْخَبَلِ مَنَعَ مِنْ عَقْدِ الْإِمَامَةِ.
وَاخْتُلِفَ فِي مَنْعِهِ مِنَ اسْتِدَامَتِهَا، فَقِيلَ: يَمْنَعُ مِنَ اسْتِدَامَتِهَا كَمَا يَمْنَعُ مِنَ ابْتِدَائِهَا، فَإِذَا طَرَأَ بَطَلَتْ بِهِ الْإِمَامَةُ؛ لِأَنَّ فِي اسْتِدَامَتِهِ إخْلَالًا بِالنَّظَرِ الْمُسْتَحَقِّ فِيهِ، وَقِيلَ: لَا يَمْنَعُ مِنَ اسْتِدَامَةِ الْإِمَامَةِ، وَإِنْ مَنَعَ مِنْ عَقْدِهَا فِي الِابْتِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ يُرَاعِي فِي ابْتِدَاءِ عَقْدِهَا سَلَامَةً كَامِلَةً

اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 43
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست