حكم بيع العجوة:
وإذا كنا قد عرفنا فيما سبق أنه يشترط عدم نزع نوى التمر منه حتى لا يتسارع إليه الفساد، فهل العجوة ينطبق عليها مثل هذا الشرط، فلا يجوز بيع بعضها ببعض، أو أن بيعها جائز؛ لأنها تدخر عادة، ولا يسرع إليها الفساد؟
في هذه المسألة نظر، والذي نرجحه أنه لا يجوز بيع بعضها ببعض؛ لأن نزع النوى من شأنه أن يعرضها للفساد، وأيضا فإن العجوة لا تخرج عن أن تكون أما رطبا نزع نواه أو تمرا، فإن كانت تمرا، فعدم الصحة مستفاد من أنها تمر منزوع النوى، وإن كانت رطبا فعد الصحة مستفاد من قولهم: لا يباع رطب برطب ولا جاف، وإذا كان التمر المنزوع النوى لا يصلح للإدخار؛ لأنه يفسد، ومن ثم فلا يجوز بيعه، فلو فرض أن الله تعالى خلق تمرا، أو زبيبا لا نوى له، فإنه يصح بيعه بمثله لكماله، وصلاحيته للادخار.
المبحث الرابع: بيع اللحم بجنسه، وما يتعلق به:
ومن الأموال التي يدخلها الربا، اللحم، وهو أجناس مختلفة في الأظهر، وقيل: هو جنس لا شتراكها في الاسم الذي لا يقع التمييز بعده إلا بالإضافة، فعلى أنه أجناس فإن البقر والجاموس جنس، والضأن والمعز جنس، والإبل جنس. وثمرة هذا الخلاف تظهر، فإنه يصح بيع لحم البقر بلحم الضأن متفاضلا إذا جرينا على أنه أجناس مختلفة، وعلى القول بأنه جنس، فلا يصح بيع شيء من اللحم ببعضه إلا مثلا بمثل يدا بيد، ويستوي في ذلك الوحشي والأهلي، والبري والبحري على الأصح في الروضة، وتعتبر مماثلة اللحم وقت جفافه إذا طاب، ونضج وصار مقددا.