ولا يصح بيع اللحم بحيوان حي في الأظهر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم: "نهى عن بيع اللحم بالحيوان"[1]. وروى ابن عباس رضي الله عنه أن جزورا نحرت على عهد أبي بكر رضي الله عنه، فجاء رجل بعناق، فقال: أعطوني بها لحما فقال أبو بكر: لا يصلح هذا. وسبب المنبع أنه جنس فيه الربا بيع بأصله الذي فيه مثله، فلم يجز كبيع الشيرج بالسمسم.
وهل يدخل لحم السمك في ذلك، فيه وجهان: قال أبو إسحاق يدخل فيها، فلا يجوز بيعه بلحم شيء من الحيوان متفاضلا؛ لأن اسم اللحم يقع عليه، والدليل عليه قوله تعالى: {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا} [2]، ومن أصحابنا من قال: لا يدخل فيه لحم السمك وهو المذهب؛ لأنه لا يدخل في إطلاق اسم اللحم، ولهذا لو حلف لا يأكل اللحم لم يحنث بأكل لحم السمك.
وأما الطيور فالعصافير على اختلاف أنواعها جنس، والبطوط جنس، وكذا أنواع الحمام على الأصح، وبعض الطيور أجناس، والكبد والطحال، والقلب والكرش والرئة، والمخ أجناس وإن كانت من حيوان واحد لاختلاف أسمائها وصفاتها، وشحم الظهر والبطن واللسان، والرأس والأكارع أجناس، وأما حيوانات البحر فما كان منها على هيئة السمك المعروف كالحوت، واللبيس والمرجان، والبلطي والبوري، ونحو ذلك فقيل: كلها جنس واحد، وقيل: أجناس مختلفة، وأما بقية دوابة فإنها أجناس مختلفة باتفاق، على أن الجنس الواحد يختلف باختلاف كونه وحشيا أو أهليا، فبقر الوحش جنس يغاير البقر الأهلي، والمتولد من الجنسيين جنس ثالث[3]. [1] الحديث رواه مالك في الموطأ عن سعيد بن المسيب، وأخرجه الشافعي مرسلا، ووصله الدارقطني في الغريب، عن مالك عن الزهري، عن سهل بن سعد، وحكم بضعفه قال الشوكاني: ولا يخفى أن الحديث لا ينتهض للاحتجاج بمجموع طرقه "نيل الأوطار ج5 ص229، 230". [2] من الآية "12" من سورة فاطر. [3] راجع الفقه على المذاهب الأربعة "ج2 ص348".