اسم الکتاب : رسائل ابن حزم المؤلف : ابن حزم الجزء : 1 صفحة : 145
فرق ما بين الخطأ والصواب وأن يعتقد الصحيح باليقين؛ وأما المحبة فخلقة، وإنما يملك الإنسان حركات جوارحه المكتسبة؛ وفي ذلك أقول: [من الطويل] .
يلوم رجال فيك لم يعرفوا الهوى ... وسيان عندي فيك لاح وساكت
يقولون جانبت التصاون جملة ... وأنت عليم [1] بالشريعة قانت
فقلت لهم هذا الرياء بعينه ... صراحاً وزيي للمرائين ماقت
متى جاء تحريم الهوى عن محمد ... وهل منعه في محكم الذكر ثابت
إذا لم أواقع محركاً اتقي به ... مجيئي يوم البعث والوجه باهت
فلست أبالي في الهوى قول لائم ... سواء لعمري جاهر أو مخافت
وهل يلزم الإنسان إلا اختياره ... وهل بخبايا اللفظ يؤخذ صامت خبر:
وإني لأعرف بعض من امتحن بشيء من هذا فسكن الوجد بين جوانحه، فرام جحده إلى أن غلظ الأمر، وعرف ذلك في شمائله من تعرض للمعرفة ومن لم يتعرض. وكان من عرض له بشيء نجهه [2] وقبحه، إلى ان كان من أراد الحظوة لديه من إخوانه يوهمه تصديقه في إنكاره وتكذيب من ظن به غير ذلك، فسر بهذا. ولعهدي به يوماً قاعداً ومعه بعض من كان يعرض له بما في ضميره، وهو ينتفي غاية الانتفاء، إذ اجتاز بهما الشخص الذي كان يتهم بعلاقته، فما هو إلا أن وقعت عينه على محبوبه حتى اضطرب وفارق هيئته الأولى، واصفر لونه، وتفاوتت معاني كلامه بعد حسن تثقيف، فقطع كلامه المتكلم معه قلقاً واسترعى [3] ما كان فيه من ذكره. فقيل له: ما عدا عما بدا فقال: هو ما تظنون، عذر من عذر، وعذل من عذل؛ ففي ذلك أقول شعراً منه: [من البسيط] . [1] معظم القراءات: عليهم. [2] نجهه: رده رداً قبيحاً. [3] معظم القراءات: فلقد استدعى.
اسم الکتاب : رسائل ابن حزم المؤلف : ابن حزم الجزء : 1 صفحة : 145