والصائم لما ترك شهواتِه المجبولَ عليها من شراب، وطعام، ومنكح، وفي ذلك منع له مما يشتهي , عوضه الله خيرًا مما ترك، ألا وهو الفرح عند الفطر، والفرح عند لقاء الرب وهو فرحٌ لا يقارن بفرح التمتع بالشهوات وسائر الملذات.
وكذلك الحال بالنسبة للحديث الثالث؛ فالصائمون لما صبروا على ألم العطش حال صيامهم، وفي ذلك قهر للنفس، وقمع لها؛ ابتغاء مرضاة الله عوَّضهم الله خيرًا مما تركوا، فجعل لهم بابًا في الجنة لا يدخل منه غيرهم.
وهكذا يتجلى لنا هذا المعنى في الصيام.
والعبرة المأخوذة، والدروس المستفادة من هذا أن يستحضر الصائم هذا المعنى العظيم في جميع ما يأتي وما يذر، وأن يعلم أن الله- عز وجل- كريم شكور، وأن مقتضى ذلك أن يجازي الإنسان بالحسنة خيرًا منها تفضلًا وتكرمًا. والجزاء ليس في الآخرة فحسب، بل الغالب أنه في الدنيا والآخرة معًا.
ولو قام هذا المعنى في القلوب لانبعثت إلى فعل الطاعات، ولأقصرت عن كثير من الشرور والمعاصي.
هذا وللحديث صلة في الدرس القادم -بإذن الله- حيث سيذكر فيها نماذج لأمور من تركها لله عوضه الله خيرًا منها.