والعِوضُ من الله أنواع مختلفة، وأجلُّ ذلك العوض: الأنسُ بالله، ومحبتُه، وطمأنينةُ القلبِ بذكره، وقوَّتُه، ونشاطُه، ورضاه عن ربه، مع ما يلقاه العبد من جزاء في هذه الدنيا، ومع ما ينتظره من الجزاء الأوفى في العقبى.
ولقد تظاهرت نصوصُ الشرع في هذا المعنى العظيم الذي يعد من أدْعى الأسباب لمخالفة الهوى، ولزوم التقوى؛ إذ فيه نظرٌ للعواقب، وإيثارٌ للآجل على العاجل.
هذا وإن الصيام لمن أعظم ما يؤكد هذا المعنى، ويبعث عليه.
ولو استعرض الإنسانُ نصوصَ الشرعِ في الصيام لتجلى له هذا المعنى غاية التجلي.
ومن تلك النصوص ما جاء في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «قال الله: كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي» الحديث.
وجاء فيهما -أيضًا-: «للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربَّه فرح بصومه» .
وبوب الإمام البخاري -رحمه الله- في صحيحه في كتاب الصيام بابًا سماه: "باب الريان للصائمين"