بل ينبغي للوالد أن يتدرج في ذلك؛ فيبدأ بإقناع ولده بسوء صحبته، وأن عليه أن يفارقهم، وأن يبحثَ عن أصحاب خيرٍ منهم، ثم يقومَ بعد ذلك بتهديده، وإشعاره بأنه ساعٍ لتخليصه منهم، وأنه سيذهب إلى أولياء أمورهم، كي يبعدوا أولادهم عنه؛ فإذا حَذَّر الولدَ، وسلك معه ما يستطيع، وأعيته الحيلة، ورأى أن بقاءه معهم ضررٌ محققٌ فهناك يسعى إلى تخليصه منهم بما يراه مناسبًا.
ومما ينبغي للوالدين أن لا يضخموا أخطاء الأولاد، بل عليهم أن ينزلوها منازلها، وأن يدركوا أنه لا يخلو بيت من الأخطاء، فمقل ومستكثر.
أيها الصائمون الكرام: ومن الأمور المعينة في التربية اصطناعُ المرونة، فإذا اشتدت الأم على الولد لانَ الأب، وإذا عنَّف الأب لانَت الأم؛ فمثلًا قد يقع الولد في خطأ ما، فيؤنِّبه والده تأنيبًا يجعله يتوارى عن الأعين؛ خوفًا من العقاب، فتأتي الأم، وتطيِّبُ نفسَ الولد، وتوضِّح له خطأَه برفق؛ عندئذ يشعر الولد بأنهما على صواب، وأنه على خطأ، فيقبل من أبيه تأنيبَه، ويحفظُ لأمهِ معروفَها، والنتيجة أنه سيتجنب الخطأ مرة أخرى.