اسم الکتاب : السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم المؤلف : السخاوي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 170
وقال الثوريُّ مرةً لمن عاتبه في تقليب الدنانير: دعنا عنك فإنه لولا هذه لتمندلَ الناس بنا تمندلاً [1] .
وفي لفظٍ عنه: أنه قال لمن عاتبه على بضاعةٍ له يقلّبها: لولاها لتمندل بي بنو العباس [2] ، بل جاء عنه أنه قال: المال في هذا الزمان سلاح المؤمن [3] .
= • فائدة: دل الحديث على الحث على أن يبقي المالك لنفسه عند الصدقة والإنفاق في سبيل الله بعضاً من ماله يقيم به حياته، وحياة من يعول، وهذا حال جل السّلف، قال شيخنا الألباني -رحمه الله- في «السلسلة الصحيحة» (2/103) بعد كلام:
«من المقطوع به أن عثمان وعبد الرحمن بن عوف وغيرهما من أغنياء الصحابة لم ينفقوا أموالهم كلها، بل ماتوا وقد خلفوا لورثتهم أموالاً طائلة، كما هو مذكور في كتب السيرة والتراجم» انتهى.
قال أبو عبيدة: قد يقال أنه ثبت أن أبا بكر -رضي الله عنه- قد تصدق بكل ماله، وعمر -رضي الله عنه- بشطر ماله. والواقع أن هذا من أبي بكر كان في ظروف صعبة مرت بالمسلمين حثَّ فيها الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الإنفاق، وقبل من كل ما أتى به. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الإنفاق يكون من كل واحد بحسب حاله ومقدار إيمانه فترك الرسول - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر يفعل ذلك لعلمه بحاله، وأن ذلك وسط بالنسبة إلى قوة إيمانه وحرصه على التضحية في سبيل دينه. قال النووي: «مذهبنا أن التصدق بجميع المال مستحب لمن لا دين عليه ولا له عيال لا يصبرون، ويكون هو يصبر على الإضاقة والفقر. فإن لم يجمع هذه الشروط فهو مكروه» .
وانظر في المسألة: «الفروع» (2/651) ، «المبدع» (2/442) ، «المغني» (3/83-84) ، «الإنصاف» (3/267) ، «مراقي الجنان بالسخاء وقضاء حوائج الإخوان» (ص331- 332) ، «فيض القدير» (3/475) ، «الملكية في الشريعة» (3/13) . [1] أخرجه ابن أبي الدنيا في «إصلاح المال» (رقم 70) ، وأبو نعيم في «الحلية» (6/381) ، وأورده المزي في «تهذيب الكمال» (1/ق513) ، والذهبي في «السير» (8/241) . وانظر: التعليق الآتي. [2] سبق في الذي قبله، وأخرجه البيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى» (رقم 549، 550) ، وأبو نعيم في «الحلية» (6/369، 381) ، والدينوري في «المجالسة» (رقم 2427-بتحقيقي) ، ولفظه: «أحبُّ أن يكون صاحب العلم في كفاية، لأن الآفات سريعة، وألسنة الناس إليهم أسرع، وإذا احتاج؛ ذلّ. ولولا هذه البضيعة التي معي لَتَمْندَل الملوك بي، وإذا رأيت القارىء يلزم باب الملوك، فاعلم أنه لص» والخبر -مفرقاً ومجموعاً- في «السير» (7/241، 254 و8/241) ، و «تهذيب الكمال» (1/ ق513- المأمون أو 11/168- ط. الرسالة) ، و «العقد الفريد» (2/337) . واللفظ الذي أورده المصنف عند الزمخشري في «الكشاف» (1/247) ومنه نقله المصنف. [3] أخرجه ابن أبي الدنيا في «إصلاح المال» (رقم 78، 85) والخلال في «الحث على التجارة» =
اسم الکتاب : السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم المؤلف : السخاوي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 170