ذهب الجمهور إلى أن من أصبح جنباً فصومه صحيح ولا قضاء عليه من غير فرق بين أن تكون الجنابة من جماعٍ أو من احتلامٍ أو من فورة شهوة. وجزم النووي بأن الإجماع من العلماء قد استقر على ذلك. وقال ابن دقيق العيد إنه صار إجماعاً أو كالإجماع. ونقل ابن عبد البر عن الحسن بن صالح وإبراهيم النخعي إيجابَ القضاء في الفرض دون التطوُّع. ونقل الماوَرْدي أن الاختلاف إنما هو في حق الجُنُب من جماع، وأَما من احتلام فأجمعوا على أنه يُجْزِؤُه. وقال الترمذي [وقد قال قوم من التابعين: إذا أصبح جُنُباً يقضي ذلك اليوم] هذه هي خلاصة الأقوال في هذه المسألة. وحتى نستطيعَ الوقوف على الصواب فيها لا بدَّ من استعراض الأحاديث التي تتناولها:
1- عن عائشة رضي الله عنها قالت {أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان لَيصبحُ جنباً من جماعٍ غير احتلامٍ ثم يصومه} رواه البخاري (1931) ومسلم والنَّسائي وأحمد وابن حِبَّان. وروى مسلم أيضاً (2591) من طريقها رضي الله عنها {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصبح جنباً من جماع لا من حُلُم، ثم لا يفطر ولا يقضي} وروى البخاري أيضاً (1930) ومسلم من طريق عائشة رضي الله عنها {كان النبي صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر جنباً في رمضان من غير حلم فيغتسل ويصوم} كما رويا مثل هذا اللفظ من طريق أم سلمة رضي الله عنها.
2- عن أبي يونس مولى عائشة رضي الله تعالى عنها {أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه وهي تسمع من وراء الباب فقال: يا رسول الله تدركني الصلاة وأنا جُنُبٌ فأصومُ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنا تدركني الصلاة وأنا جُنُبٌ فأصوم …} رواه مسلم (2593) وأبو داود والنَّسائي وأحمد وابن حِبَّان وابن خُزيمة.