…بقيت نقطة مهمة يستند إليها الذين ينادون بالعمل بالحساب الفلكي، هي أن المسلمين قد اعتمدوا الحساب الفلكي في تحديد مواعيد الصلاة، فلماذا لا يعتمدون الحساب هذا في تحديد مواعيد الصيام والحج والأعياد؟ وللإجابة عن هذا السؤال، أو قل للإجابة عن هذه الشبهة، أقول ما يلي:
…إن الشرع الحنيف لم يحدِّد للصلاة طريقةَ الرؤيةِ العينيةِ لتعيين أوقاتها ولو حدَّد لنا ذلك لوجب علينا التمسك بها ورفض الحساب الفلكي، وهذا مغاير للحج والصيام فالشرع الحنيف قد حدَّد للصيام طريقة الرؤية العينية، كما هو ظاهر في كثير من النصوص (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) ، كما أنه حدَّد للحج أيضاً طريقةَ الرؤية العينية، وقد مرَّ الحديث قبل قليل، وهو: عن حسين بن الحارث الجدلي، من جديلة قيس، أن أمير مكة خطب، ثم قال {عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نَنْسُك للرؤية، فإن لم نره، وشهد شاهدا عدلٍ نسكنا بشهادتهما ... } رواه أبو داود (2338) . ورواه البيهقي والدارَقُطني وصححه. فقد جاء في هذا الحديث (أن ننسك للرؤية) فقوله نَنْسُك: يعني أن نقوم بأداء الحج. والرؤية هنا رؤية هلال ذي الحجة.
…وإذن فإن الشرع قد عين الطريقة لتحديد بدايات الصوم والحج، هي الرؤية العينية ولم يعين هذه الطريقة ولا غيرها لتحديد مواقيت الصلاة وكلُّ ما فعله بخصوصها هو إعلامُنا بالأَمارات الدالة على هذه المواقيت، ولنا بعد ذلك أن نجتهد في استخدام هذه الأَمارات لتحديد المواقيت. فالشرع قد فرَّق بين الصلاة، وبين الصوم والحج، فوجب الأخذ بهذا التفريق وعدم خلط الأوراق بعضها ببعض. هذا إضافةً إلى أنه لا يصح القياس في العبادات إلا أن تأتي معلَّلة، وهنا لم ترد علَّةٌ في النصوص.