فهؤلاء قالوا: إنَّ التزام ابن عباس رضي الله عنهما بعدم الاكتفاء برؤية أهل الشام هو التزامٌ آتٍ من الأمر النبوي الكريم، وبمعنى آخر فإنهم فهموا من قول ابن عباس رداً على القول (أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟) ، (لا، هكذا أَمَرَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم) أن ذلك يعني أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي أمر المسلمين بأن لا يأخذوا برؤية من كانوا في غير بلدهم ولم يفهموا القول هذا على أنه فهمٌ من ابن عباس للأمر النبوي الكريم، فالتبس عليهم الأمر النبوي بفهم ابن عباس وحيث أن فهم ابن عباس نراه خطأً فإِنَّا نرى أنَّ الآخذين بهذا الفهم قد أخطأوا هم أيضاً.
إن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قد سمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) ففهم منه أن كل جماعة من المسلمين ينبغي أن ترى الهلال فتصوم وتراه فتفطر وأن رؤية غيرها من الجماعات لا تغني عن رؤيتها هي فقال ما قال، كما ورد في حديث كُريب، أي أنه لم يعمِّم هذا النص على جميع المسلمين، وإنما جعله يتناول كل جماعة من المسلمين على حدة، وهذا فهم خاطئ. وعليه فإن من قالوا باختلاف المطالع إنما أخذوا حجتهم من فهم ابن عباس للحديث، وليس من الحديث النبوي نفسه. ولست أريد أن أناقش هذا الخطأ بأكثر مما أوردْتُه من حجة القائلين بوحدة المطالع.
…وقد أصدر مجمع البحوث الإسلامية في القاهرة عام 1966م ما يلي [لا عِبْرة باختلاف المطالع ولو تباعدت الأقاليم بشرط أن تكون مشتركة في ليلة واحدة، وهذا ينطبق على البلاد العربية كلها] كما أصدر مجلس الفتوى الأعلى في الديار الفلسطينية قراراً يؤكد فيه على تبني رأي وحدة المطالع. وهنا أقف وقفة، فأقول ما يلي: