…وهذا التنويه لا يُفهم منه الحصرُ في الإِعطاء، بقدر ما يفهم منه الحضُّ عليهم أكثر من الحض على غيرهم، وإلا فإن دافع زكاة الفطر يجزئ عنه دفع زكاته إلى أي صنف من الأصناف الأخرى، مَثَلُ هذا الحديث كمَثَلِ الحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنه {أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن فقال: ادعُهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك فأَعْلِمْهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأَعلمهم أن الله افترض عليهم صدقةً في أموالهم، تُؤخذ من أغنيائهم، وتُردُّ على فقرائهم} رواه البخاري (1395) وغيره. فقوله ( ... صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم، وتُرد على فقرائهم) لا يعني حصر صرف الصدقة في الفقراء، فهذا كذاك.
…وإخراج زكاة الفطر تصح لصنفٍ واحد ولصنفين وللجميع، لا فرق بين هذا وذاك، أما قول الشافعي وعكرمة: يجب أن يَقْسِمَ زكاةَ كلِّ صنفٍ من ماله على الموجودين من الأصناف الستة الذين سُهْمانُهُم ثابتة قسمةً على السواء، ثم حصة كل صنف منهم لا تصرف إلى أقل من ثلاثة أو أكثر، فإن لم يجد إلا واحداً صرف حصة ذلك الصنف إليه. فإن هذا القول منهما تفصيلٌ وتفريعٌ لا دليل عليه من الشرع، ولا حاجة إليه، وإنما الصواب هو جواز إعطاء صنف واحد كجواز إعطاء أكثر من صنفٍ وهو قول عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس وحذيفة من الصحابة رضي الله عنهم، وسعيد بن جبير والحسن البصري وعطاء والثوري وأبي حنيفة، وابن قدامة.
تم بحمد الله
فهرست الكتاب
مقدمة
الفصل الأول: صيام رمضان - أحكام عامة
فضل الصيام
فضل رمضان
متى شُرع الصيام الواجب؟
النية في الصيام