ذهب الجمهور إلى عدم جواز الأخذ بالحساب الفلكي، قائلين: إن الناس لو كُلِّفوا به لضاق عليهم، لأنه لا يعرفه إلا أفراد، والشرع إنما يعرِّف الناس بما يعرفه جماهيرهم. ونُقل عن ابن سُرَيج القول بجواز العمل بالحساب لمن خصَّه الله بهذا العلم، معلِّلاً ذلك بأن قول الحديث (فاقدروا له) هو خطاب لمن خصه الله بهذا العلم، وقول الحديث (فأكملوا العدة) هو خطاب للعامة. وقد نُسِبَ هذا القول أيضاً إلى مطرف بن عبد الله وابن قتيبة.
…وبالنظر في النصوص نجد أن كلمة (فاقدروا له) وردت في الحديث على غير المعنى الذي ادَّعاه ابن سُرَيج، فعن ابن عمر رضي الله عنهما {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان فقال: لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه فإن غُمَّ عليكم فاقدروا له} رواه البخاري (1906) ومسلم والدارمي وأبو داود والنَّسائي وابن ماجة. فالحديث كله جاء خطاباً للأمة الإسلامية كلها لأن الصيام هو للجميع والرؤية هي للجميع والإفطار هو للجميع، وجاءت كلمة فاقدروا له للجميع أيضاً، وليس لمن خصَّه الله بهذا العلم، وهذا واضح وضوح المس، فتخصيص هذه الكلمة بمن خصه الله بهذا العلم هو خطأٌ محضٌ.