…وقد اختلط على عدد من الفقهاء ما رُوي عن الصحابة من القول إنَّ مَن كان مريضاً فلم يصم رمضان حتى جاء رمضان آخر صام الآخِر وأطعم عن رمضان الفائت مسكيناً عن كل يوم أفطره، اختلط عليهم هذا القول مع المرويات السابقة الضعيفة، فقالوا بوجوب الإطعام بشكل مطلق. والحق أن المرويات القائلة بالإطعام على المريض يصح الاستدلال بها وهي مما يتفق مع كتاب الله سبحانه، وقد بيَّنَّا قبل قليل أن المريض العاجز عن الصيام يُطعِم، فهذه المرويات تذكر أن المريض قد عجز عن الصيام طيلة عام كامل، وأنه لم يصحَّ طيلة العام حتى جاء رمضان آخر، وهذا العام الذي كان مريضاً فيه، هو الوقت الذي يُقضى فيه ما فات من صيام رمضان، فكون الشخص لم يصحَّ في وقت القضاء، وعجز عن القضاء في وقته، فإنه لم يبق عليه إلا أن يُطعِم. وتجدون هذا البحث موجوداً بتمامه في البند الأول من هذا الفصل وهو غير موضوعنا.
ثانياً: مقدارُ الفدية:
…لقد اختلف صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تحديد مقدار الفدية ورُويت عنهم روايات متباينة تذكر أن الفِدية مُدٌّ واحد، وأنها مُدَّان اثنان، أي نصف صاع، وأنها أربعة أمداد، أي صاع، أذكر لكم عدداً منها:
1- عن عطاء عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال {مَن أدركه الكِبَرُ فلم يستطع أن يصوم رمضان فعليه لكل يومٍ مُدٌّ من قمح} رواه الدارَقُطني (2/208) .
2- عن مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال {يصوم الذي حضر، ويقضي الآخر، ويطعم لكل يوم مِسكيناً} رواه البيهقي (4/253) . وقال [ورواه ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة وقال: مداً من حنطة لكل مسكين] .
3- عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال {إذا عجز الشيخ الكبير عن الصيام أطعم عن كل يوم مُدّاً مُدّاً} رواه الدارَقُطني (2/204) بإسناد صحيح.