…إذا كان على شخصٍ قضاءُ أيامٍ من رمضان فتأخر في القضاء حتى جاء رمضان آخر، فقد اختلف الفقهاء في حكمه: فذهب أبو حنيفة وأصحابه وإبراهيم النخعي والحسن البصري والمُزَني وداود بن علي إلى وجوب القضاء فقط. وذهب الجمهور إلى وجوب القضاء وإطعام مسكينٍ عن كل يوم، ورُوي ذلك عن ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم. قال البخاري [ ... وقال إبراهيم: إذا فرَّط حتى جاء رمضان آخر، يصومهما ولم ير عليه إِطعاماً، ويُذكر عن أبي هريرة مرسلاً، وعن ابن عباس أنه يُطعِم] .
…والحق أن ما ذهب إليه الأحناف هو الصحيح، وذلك أن فرض الفدية على من تأخَّر في القضاء حتى جاء رمضان آخر يحتاج إلى نصٍّ من الشرع، ولا نصَّ هنا، فلا يصح تشريع هذا الحكم، وأما ما رُوي عن ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة، وما نقله الطَّحاوي عن يحيى بن أكثم من القول [وجدته عن ستة من الصحابة لا أعلم لهم فيه مخالفاً] فإن هذه المرويَّات عن الصحابة لم تثبت، إذ هي قد رُويت من طرق ضعيفة، فوجب ردُّها وعدم جواز تقليدها أو اتِّباعها.