…الأول والثالث جاءا عامَّين في الصيام، والثاني والرابع جاءا خاصَّين في صيام النذر، والسادس جاء خاصاً في صوم الكفَّارات، ويحتمل أن يكون خاصاً بالنذر. الأول والثالث جاء لفظهما عاماً في قضاء الصوم، ومنه بل وأشهره وأبرزه صومُ رمضان، ولم يَرِدْ أيُّ نسخٍ لهما ولا أي تخصيص، فيبقى فيهما العام عاماً. والثاني والرابع جاء لفظهما خاصاً في النذر، أي في قضاء صوم النذر، ولا يوجد نصٌّ ينسخه أو يصرفه عن وجهه، فيبقى فيهما اللفظ خاصاً، ويصح إلحاق الحديث السادس به. فنقول إن الشخص إذا مات وعليه صومٌ مفروض كصوم رمضان، أو كصوم النذر أو كصوم الكفَّارات صام عنه وليه، وقد جاء الأمر بهذا في قمة الأحاديث الصحيحة،لم يخالفها أي حديث صحيح أو حسن، فيُعمل بها ويُؤخذ بها، ومن وقف عليها لم يَجُزْ له القول بخلافها تحت أية ذريعة من الذرائع فلا الأحاديث الضعيفة ولا أقوال الصحابة ولا اجتهادات الفقهاء تستطيع أن تنسخ هذا الحكم الشرعي الثابت بحال من الأحوال. وعليه فإن ما اعتمد عليه بعض الفقهاء من النصوص والآثار التالية من القول بخلاف ذلك هو اعتماد باطل، واجتهاد في مورد النص غير جائز. وإليكم ما استندوا إليه:
أ - عن ابن عباس رضي الله عنه قال {إذا مرض الرجل في رمضان ثم مات ولم يصم أُطْعِم عنه، ولم يكن عليه قضاء، وإن كان عليه نذر قضى عنه وليه} رواه أبو داود (2401) والدارَقُطني والبيهقي وعبد الرزاق. وعلَّقه البخاري. قال عبد الحق وابن حجر: لا يقع في الإِطعام شيء يصحُّ، يعني مرفوعاً.
ب - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال {لا يصوم أحد عن أحد ويُطعَم عنه} رواه البيهقي (4/257) . ورواه النَّسائي في السنن الكبرى (2930) بلفظ {لا يصلي أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد، ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مُدَّاً من حنطة} قال الزيلعي [غريبٌ مرفوعاً] .