والآن لنعد إلى الآراء الثمانية السابقة. الرأي الأول يقول إن النوم لا ينقض على أي حال بدلالة حديث أنس، وقد تبين مما سبق أن هذا الحديث بألفاظه الثلاثة لا يفيدهم، بل يفيد عدم نقض النوم في حالة الصلاة، والخطأ آت من كون أصحاب هذا الرأي قد عمموه وأطلقوه. والرأي الثاني لم يستثن حالة الصلاة وانتظارها. والرأي الثالث أيضاً لم يستثن حالة الصلاة وانتظارها، ويقل الخطأ إنْ عنَوا بالقليل من النوم ما أخرجناه منه. أما الرأي الرابع فهو خطأ، فإن إخراج النوم على هيئة من هيئات الصلاة في غير الصلاة من نواقض الوضوء خطأ، والخطأ آت من استدلالهم بحديث ضعيف، ومن تعميم ما جاء فيه على الصلاة وعلى غيرها. والرأي الخامس أيضاً خطأ، فقد قالوا إن الراكع والساجد يكونان في وضع لا يتمكنان فيه من منع خروج الريح، وهذا منهم استدلال فاسد، ولا يسعفهم فيه نص. وأما الرأي السادس فخطأ لما بيَّنَّاه في تخطئة الرأي الخامس. وأما الرأي السابع فصحيح جملة، وليتهم جعلوا النوم في انتظار الصلاة غير ناقض، ورغم أن هذا الرأي صحيح جملة كما قلنا إلا أن الدليل الذي استدلوا به هو الحديث الضعيف جداً الذي رواه الديلمي وابن عساكر من طريق أنس «إذا نام العبد في سجوده باهى الله عزَّ وجلَّ به ملائكته يقول: انظروا إلى عبدي روحُه عندي وجسدُه في طاعتي» . وأما الرأي الثامن فأراه خطأ، وقد استدلوا عليه بحديث علي ومعاوية وأنس، أما حديث معاوية فضعيف لا يصلح للاحتجاج، وأما حديث أنس فهو لا يسعفهم، فهم قد استدلوا باللفظ الأول «تخفق رؤوسهم ثم يصلون» فحملوه على نوم الجالس، ولم ينظروا في اللفظ الثالث «كانوا يضعون جنوبهم» فهو نص صريح في غير الجلوس ولا أراهم يستطيعون تأويله إلا بتكلُّف.