ما الحديث الأول فالقول فيه هو القول نفسه في حديثي الاستيقاظ والولوغ، فهو لا يفيد تحديداً سوى تخصيصه بالماء الراكد فقط، ويظل عاماً دون تحديد في الماء الراكد، وبذلك لا يصلح للاحتجاج، لأنه هو يحتاج إلى دليل يحدده، وذلك على اعتبار أن الحديث يفيد تنجيس الماء. وأما إن كان الاغتسال فيه هو المقصود فإنَّا نقول إن الاغتسال المنهي عنه هنا ليست النجاسة علته، وإنما العلة هي احتمال الاستقذار والتلوُّث، فيسقط الاحتجاج به أيضاً. وسوف نفصِّل هذه الأمور بشكل وافٍ بإذن الله حين بحث الماء المستعمَل.
أما الحديثان الثاني والثالث فليس فيهما ما يصلح للحجة لأنهما عامَّان، ليس في الماء فقط بل في سائر الأحكام الشرعية الظنية، وهما في أمور تقديرية مدارُها على القلب، والمطلوب هنا غير ذلك، وحتى لو استشهد بها هؤلاء فإن الآخَرين يمكنهم الاستشهاد بها بدورهم، وكان الأَحرى والأَوْلى بهم أن لا يذكروهما هنا، وأن يكتفوا بحديث القُلَّتين، ولا حاجة بهم وقد صح حديث القُلَّتين إلى أن ينقِّبوا في بطون كتب الحديث عن مثل هذه النصوص فالبساطة والوضوح أساس الفقه، وأساس الشرع كله.