اسم الکتاب : البيوع المحرمة والمنهي عنها المؤلف : عبد الناصر بن خضر ميلاد الجزء : 1 صفحة : 91
ب - منع بيع شعر الميتة وما في حكمه وعدم جواز الانتفاع بذلك، وهو مذهب الشافعية.
علماً بأن وجه بحث حكم الشرع بشأن بيع شعر الميتة هنا هو أن أصل الميتة المراد بيع شعرها نجس، وأن الخلاف حاصل بين الفقهاء بشأن مدى طهارة شعر الميتة من عدمه، فجريان الكلام عن بيع شعر الميتة كان مؤسساً على هذا.
وقد استدل الحنفية ومن وافقهم: على جواز بيع شعر الميتة وما في حكمه والانتفاع به، استدلوا بأدلة متعددة سبق الاستناد إليها عندما قرر هؤلاء طهارة شعر الميتة وصوفها وريشها وما في حكم ذلك، لأنهم يقولون بطهارة هذه الأشياء، وقد ترتب على هذا قولهم بجواز بيعها وإمكان اعتبارها محلا ً للتعاقد بالبيع ونحوه من جميع التصرفات الأخرى فضلاً عن أن الشعر وما شابهه لا تحله الحياة، وذلك بدليل أن الحيوان لا يتألم ولا يحس إذا قطع منه، وما لا تحله الحياة لا يحله الموت، وذلك لأن الموت خلف الحياة، ولما كان الموت لا يحله، فإنه لا يتنجس به فيكون طاهراً وحيث كان كذلك، فلا مانع من بيعه طالما أنه محل لانتفاع الناس به، لأنه من متطلبات حياتهم.
وقد استند الشافعية: فيما ذهبوا إليه من قولهم بمنع بيع شعر الميتة وما في حكمه، استندوا على ما تأصل لديهم من اشتراط طهارة المبيع، وما تقرر من قولهم بنجاسة شعر الميتة وصوفها ووبرها ونحو ذلك، بناء على أنَّ الشعر متصل بالحيوان اتصال حياة وخلقة، وأنه يتنجس بالموت، وبالتالي فإنه لا يمكن الانتفاع به شرعا، ً مما يترتب عليه القول بعدم جواز بيع هذه الأشياء[1].
والذي يترجح هنا -والله أعلم- هو القول بجواز بيع شعر الميتة وصوفها وريشها ونحو ذلك تأسيساً على رجحان القول بطهارة هذه الأشياء فيما سبق بيانه، مع مراعاة أن هذا الحكم بجواز البيع يستثنى منه شعر الخنْزير لنجاسة عينه، وهذا الترجيح قائم على قوة ما استدل به هؤلاء، ومما يؤكد رجحان القول بجواز بيع شعر الميتة وما في [1] المجموع للنووي 1/269 – 270, والمهذب للشيرازي 1/11.
اسم الکتاب : البيوع المحرمة والمنهي عنها المؤلف : عبد الناصر بن خضر ميلاد الجزء : 1 صفحة : 91