اسم الکتاب : البيوع المحرمة والمنهي عنها المؤلف : عبد الناصر بن خضر ميلاد الجزء : 1 صفحة : 62
منه بترجيح ما يترجح بالدليل، حتى يمكننا كشف وجه الحقيقة بشأن صلب هذا المبحث والمقصد منه وهو حكم بيع جلد الميتة.
أولاً: موقف العلماء من تأثير الدبغ على طهارة الجلد اختلف العلماء بشأن مدى تأثير الدبغ على طهارة الجلد، وذلك على النحو الأتي:
مذهب الحنفية: القول بطهارة جميع الجلود بالدبغ ما عدا جلد الخنْزير والآدمي، فأما الخنْزير فلنجاسته بالنص القطعي، وهو قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [1] وأما الإنسان فلكرامته وتشريفه حيث قال سبحانه: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [2].
فالدبغ له تأثيره على كافة الجلود حيث قالوا بطهارتها بعده، خلافاً لجلد الخنْزير لنجاسته، وجلد الآدمي لكرامته.
فمذهب الحنفية: أن الدبغ مطهر للجلود وأنه بهذا تكون محلاً للبيع والشراء بعد الدبغ، باستثناء جلد الخنْزير لنجاسته، وجلد الآدمي لكرامته. فقد جاء في بدائع الصنائع: " ... فالدباغ تطهر للجلود كلها إلا جلد الإنسان والخنْزير ... والصحيح أن جلد الخنْزير لا يطهر بالدباغ، لأن نجاسته ليست لما فيه من الدم والرطوبة، بل هو نجس العين فكان وجود الدباغ في حقه والعدم بمنزلة واحدة. وقيل إن جلده لا يحتمل الدباغ، لأن له جلوداً مترادفة، بعضها فوق بعض، كما للآدمي، وأما جلد الإنسان فإن كان يحتمل الدباغ وتندفع رطوبته بالدبغ ينبغي أن يطهر، لأنه ليس بنجس العين
= هذا: وضابط الدباغ عند الشافعية: نزع فضوله وهي مائيته ورطوبته التي يفسده بقاؤها ويطيبه نزعها بحيث إنه لو نقع في الماء لم يعد إليه النتن والفساد وهذا يحدث بحريف مثل القرظ والعفص وقشر الرمان ولا يكفي عندهم التجميد بالتراب ولا بالشمس ونحو ذلك مما لا ينزع الفضول. راجع: المهذب للشيرازي 1/10، سبل السلام للصنعاني 1/30، ونيل الأوطار للشوكاني 1/73. [1] سورة المائدة: الآية 3. [2] سورة الإسراء: الآية 70.
اسم الکتاب : البيوع المحرمة والمنهي عنها المؤلف : عبد الناصر بن خضر ميلاد الجزء : 1 صفحة : 62