اسم الکتاب : الاتجاهات الحديثة في تخطيط المناهج الدراسية في ضوء التوجيهات الإسلامية المؤلف : محمود أحمد شوق الجزء : 1 صفحة : 338
هـ- بالنسبة لإسهامات العلماء المسلمين في المجال الدراسي:
حين تمر الأمم بفترات تخلف وتترك مكانها الريادي، وتجد نفسها وقد تخلت عن مكانها في الصفوف الأمامية من مسيرة التقدم، فإن من عوامل هذه الأمة وحفز أجيالها للعمل على استعادة مكانها في الطليعة تبصير أبنائها بإنجازات أسلافهم في مختلف الميادين. من أجل هذا تحرص الأمم على أن يستوعب أبناؤها ما حققته من إنجازات عبر التاريخ.
والمسلمون -اليوم- ليسوا في مكان الريادة كما كانوا بالأمس. فقد تخلفوا عن ركب التقدم, وفاتهم تسارع التقدم العلمي والتقني. وأصبحوا يتلقون الجديد منهما ولا ينتجدونه، وفي كثير من الأحيان، يتلقون معونات وقروضًا من الغير يستعينون بها على سد حاجتهم من المأكل والمشرب وتسيير أمور الحياة. ومن بين دول المسلمين ما يلبس ما لا ينسج ويركب ما لا يصنع, ويعيش حياة تذكر بتلك التي كانت منذ قرون خلت.
ويبين تاريخ هذه الأمة أنها كانت تحمل لواء الحضارة الإنسانية يوم أن كانت أوربا وكثير غيرها من البلدان المتقدمة اليوم، في تخلف وانحدار. فكانت ديار المسلمين منارة للعلم والنور, يشد العلماء إليها الرحال للتزود بالعلم والمعرفة؛ لأن العلماء المسلمين أخذوا عن سابقيهم من الهنود والإغريق والفرس وغيرهم, وتمثلوا ما أخذوه، ثم انتقلوا إلى مرحلة الإبداع والابتكار. يؤكد هذا فؤاد سيزكين في قوله عن إنجازات المسلمين العلمية: لسنا نخالف الحقائق التاريخية إذا اعتبرنا أن مرحلة "الأخذ والتمثل" تنتهي في أواسط القرن الثالث الهجري إلى مرحلة "الإبداع" كما يمكننا أن نصور الطابع الأساسي لبداية هذه المرحلة -أي: مرحلة الإبداع- في إدراك العلماء المسلمين بأنفسهم أنهم قادرون على الإبداع، وهم قادرون بالتالي على أن يصلوا إلى ما لم يصل إليه الإغريق من قبلهم "2، 15".
ولكن القارئ لكتب الغرب عن تاريخ العلوم يجد تعتيمًا وتشويها لإنجازات المسلمين العلمية، فمعظم هذه الكتب تقفز من عصر الإغريق إلى ما يسمى "عصر النهضة" ويتجاهل عصر الحضارة الإسلامية الذي يتوسطهما، وإذا مر بإنجازات المسلمين ففي عجالة لا تعطيها حقها. مع أن المسلمين قد أسسوا علومًا
اسم الکتاب : الاتجاهات الحديثة في تخطيط المناهج الدراسية في ضوء التوجيهات الإسلامية المؤلف : محمود أحمد شوق الجزء : 1 صفحة : 338