اسم الکتاب : الاتجاهات الحديثة في تخطيط المناهج الدراسية في ضوء التوجيهات الإسلامية المؤلف : محمود أحمد شوق الجزء : 1 صفحة : 149
وقوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا} [يس: 36] .
وفي هذا بين بأنه لا ارتقاء لعنصر من الأحياء الذين خلقهم من عنصر آخر, فلا ارتقاء للنبات من الجماد، ولا الحيوان من النبات، ولا الإنسان من الحيوان، بل كل عنصر من الأحياء خلق مستقلا عن الآخر.
ويبين الحق تبارك وتعالى أن الإنسان خلق من تراب في قوله سبحانه: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا} [فاطر: 11] .
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ} [غافر: 67] .
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ} [المؤمنون: 12] .
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ} [الحجر: 26] .
من الآيات السابقة نقف على حقيقة خلق الإنسان، ومن ناحية أخرى نجد من يعتبر أن ارتقاء الإنسان من سلالة القرد حقيقة كونية، نعيد هنا ما سبق أن بيناه بأن الإيمان يحسم الأمر هنا بيقين من أن الإنسان خلق وفق ما جاء في كتاب الله عز وجل. وهذا أمر قطعي غير قابل للمناقشة أو الأخذ والرد في أنه حقيقة، ولكن المناقشة هنا هدفها هو بيان الأسباب التي يمكن أن تجعل الحقائق الكونية تبدو في تعارض مع حقيقة من حقائق الوحي.
وكما يقول فضيلة الشيخ الشعراوي: "2، 30-31":
نحن لا نستطيع أن نحكم الحكم اليقيني العلمي إلا على أمر تجريبي، أما ما وراء ذلك فينبغي أن نأخذه عمن يعلمه، فإذا نظرنا إلى قوله الله -تبارك وتعالى- أنه خلق الإنسان من تراب مرة، ومن طين مرة، ومن حمأ مسنون مرة، ومن صلصال كالفخار مرة, وبعد ذلك نفخ فيه الروح، نجد أننا لم نشاهد هذا كله، ومن ثم لا نستطيع أن نحكم كيف خلقنا، بل نؤمن بكيفية خلقنا بناء على ما بينه لنا الخالق، ولكننا نستطيع أن نستقرئ حقائق الكون والوجود فنجد صدق الله في غيب أخبرنا به بدليل يقيني مشاهد لنا. فانظر -مثلًا- إلى الحياة، تجد نقيضها الموت، وانظر إلى الخلق تجد نقيضه العدم. فالقضية الأساسية التي نقيس عليها هنا كل شيء على عكس بنائه. فالموت أمر مشهدي محس لنا، والموت يعني مفارقة الروح الجسد وهي آخر ما دخل فيه في أثناء خلقه. وبعد ذلك يتيبس جسمه وهذه مرحلة الصلصالية، أي: الطين المتعفن المتغير الرائحة. بعد ذلك يصير ترابًا، أي: يعود إلى سيرته الأولى. وهذا يبين أن مرحلة الفناء تسير في خط عكسي لمرحلة الخلق، فتبينها
اسم الکتاب : الاتجاهات الحديثة في تخطيط المناهج الدراسية في ضوء التوجيهات الإسلامية المؤلف : محمود أحمد شوق الجزء : 1 صفحة : 149