responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاتجاهات الحديثة في تخطيط المناهج الدراسية في ضوء التوجيهات الإسلامية المؤلف : محمود أحمد شوق    الجزء : 1  صفحة : 147
منتهية ولا تجد الأرض ممدوة، بل محدودة، وهذا يتعارض مع قوله تعالى: {مَدَدْنَاهَا} .
ويستنتج فضيلته من هذا الإيضاح: ولكن إذا كانت الأرض كرة، فإنك حيث كنت ستجدها ممدوة حولك في جميع الاتجاهات: أمامك وخلفك وعن يمين وشمال, ومهما انتقلت من مكان إلى مكان فإنك واجدها ممدودة ولن تجد لها نهاية محدودة أبدًا "2، 29".
وكما شرح فضيلة الشيخ الشعراوي فإن الخطأ هنا جاء من اعتبار بسطة الأرض حقيقة من حقائق الوحي وهي ليست كذلك، بل إنها التفسير البشري لحقيقة الوحي، وأما حقيقة الوحي فهي أن الله سبحانه وتعالى قال: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} [الحجر: 19] .
أما تفسير {مَدَدْنَاهَا} بمعنى بسطناها فهذا أمر بشري يحتمل فيه الصواب كما يحتمل فيه الخطأ، وقد كان التفسير هنا خطأ، الأمر الذي تسبب في ظهور تصادم بين الحقيقة الكونية وهي "كروية الأرض" مع ما اعتبر خطأ "حقيقة قرآنية" وهو انبساطها أو تسطحها أو استواؤها.
وهذا ينبهنا إلى أمر مهم بالنسبة لتفسيرنا لآيات القرآن الكريم. وهو أنه لا ينبغي أن ننسى أن تفسيرنا لحقائق الوحي المتعلقة بالكون، تكون -بالضرورة- محدودة بعلم المفسر بمراد التعبير الإلهي القرآني عن الحقيقة الكونية، وهذا مرتبط بمدى علمه بالحقائق الكونية من خلال الدراسات العلمية، والقدرة على التمييز بين اليقينية منها وغير اليقينية. فإذا كان علمه قاصرًا عن الوصول إلى الحقيقة الكونية فإن ثمة تصادمًا سوف يحدث بين هذه الحقيقة وتفسيره للحقيقة الدينية أو القرآنية المتعلقة به، وليس بالحقيقة الدينية أو القرآنية ذاتها.
ويؤيد فضيلة الشيخ الشعراوي هذا بقوله "2، 29":
ولذلك لم يفسر لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القرآن؛ لأنه لو فسره لكان يجب أن يفسره بما تطيقه عقول معاصريه، ولو فسره بالأشياء التي توجد في القرن العشرين أو الثلاثين أو الأربعين لعجب معاصروه ولاستعظموه أيما استعظام.
ولو أنه -صلى الله عليه وسلم- فسره على قدر عقول معاصريه ومعلوماتهم الكونية لحجر علينا، ولجمد القرآن؛ لأن من يتصدر لتفسير القرآن بعد ذلك سيواجه بأن الرسول قد فسره كذا، وعليه ألا يزيد عن ذلك أو ينقص. لذلك فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك تفسير القرآن حتى تأخذ كل مرحلة فكرية من لمحات القرآن بقدر ما تستطيع ذلك في أمور الكونيات، أما المطلوب من الأحكام فقد بينها صلوات الله عليه وأوضحها للناس.

اسم الکتاب : الاتجاهات الحديثة في تخطيط المناهج الدراسية في ضوء التوجيهات الإسلامية المؤلف : محمود أحمد شوق    الجزء : 1  صفحة : 147
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست