اسم الکتاب : الاتجاهات الحديثة في تخطيط المناهج الدراسية في ضوء التوجيهات الإسلامية المؤلف : محمود أحمد شوق الجزء : 1 صفحة : 132
في ذلك. وإذا قرر القيام فلا بد له من أن يكون قد عرف فيه ما يمكنه من أدائه بصورة صحيحة. فمثلًا، لا يمكن أن يصلي المسلم ما لم يعلم أن الصلاة فريضة وأن له أركانا ومواقيت وغير ذلك, لا يمكن أداء الصلاة -على الوجه الصحيح- إلا بمعرفته، وبعد هذا العلم فإنه يبدأ بالنية، وكذلك الأمر بالنسبة لجميع الأعمال.
ومن حيث إن النية مؤسسة للأعمال، فقد بينها حديث عمر، رضي الله عنه حين قال: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه". "متفق عليه".
وقد أورد ابن حجر في "باب العلم قبل القول والعمل"، قال ابن المنير: "أراد به أن العلم شرط من صحة القول والعمل، فلا يعتبران إلا به، فهو متقدم عليهما؛ لأنه مصحح للنية المصححة للعمل".
وقال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [محمد: 19] .
والتوجيه الرباني في هذه الآية يقدم العلم بوحدانية الله، أولا ثم يتبعه العمل وهو الاستغفار.
ويحث الله -تبارك وتعالى- عباده على النظر في الكون ليتبينوا قدرته على الخلق، وليروا آياته الكبرى، وليتفكروا في بديع صنعته ويؤمنوا بوحدانيته. وذلك في كثير من آيات القرآن الكريم، منها:
{أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ، وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ، وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ، وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ، فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ} [الغاشية: 17-21] .
وقد جاء في تفسير هذه الآيات في مختص تفسير ابن كثير: فنبه البدوي على الاستدلال بما يشاهده من بعيره الذي هو راكب عليه، والسماء التي فوق رأسه، والجبل الذي تجاهه، والأرض التي تحته على قدرة خالق ذلك وصانعه, وأنه الرب العظيم المالك المتصرف، وأنه الإله الذي لا يستحق العبادة سواه. "تفسير ابن كثير: 634".
وهذا النظر لا يمكن أن يصل إلى مراد هذه الآيات الكريمات ما لم يؤسس على قدرة على التحليل والتفسير والمقارنة والاستدلال والقياس. وهذا كله مهمة كل مسلم، وبالتالي، فإن العلم الذي يقدر الإنسان على القيام بهذه المهمة يصبح ضرورة
اسم الکتاب : الاتجاهات الحديثة في تخطيط المناهج الدراسية في ضوء التوجيهات الإسلامية المؤلف : محمود أحمد شوق الجزء : 1 صفحة : 132