وسئل عطاء عن المجاور إذا أهلّ من مكة، هل يسعى الأشواط الثلاثة؟ قال: إنهم يسعون. فأما ابن عباس فإنه قال: “إنما ذلك على أهل الآفاق” [1].
إن الرمل إنما شُرع في الأصل لإظهار الْجَلَد والقوة لأهل البلد. وهذا المعنى معدوم في أهل البلد [2].
الاضطباع سنة الرمل. فمن لا يُشرع له الرمل، لا يُشرع له الاضطباع، كالنساء[3].
واستدل أصحاب القول الثاني، بما يلي:
إن الرمل سنة ثابتة بعد زوال سببها، فيستوي فيها المكي وغيره [4].
إنه يُشرع في كل طواف يعقبه سعي، فيستوي في ذلك المكي وغيره [5].
الرأي المختار:
ليس في هذه المسألة نصوص من السنة يُعتمد عليها في الترجيح أو الاختيار. ولعل ما ذهب إليه أصحاب القول الأول، القائلون: بعدم استحباب الاضطباع والرمل للمكي، وللمحرم منها من غير أهلها، هو أولى الرأيين [1] أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/374، المحلى 7/96. [2] انظر: المغني 5/222، شرح الزركشي 2/194، كشاف القناع 2/480. وقال ابن البنا في شرحه 2/619: “لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك من قدم من أهل البلدان، ليعلم أهل مكة قوتهم، وجلدهم. وهذا المعنى معدوم في أهل مكة”. [3] انظر: الشرح الكبير 9/103، البحر الرائق 2/382، إعانة الطالبين 2/300، نيل الأوطار 5/111، حاشية ابن عابدين 2/528. وقال الزركشي في شرحه 2/194: “تنبيه: يُسن الاضطباع لمن يُسن له الرمل”. [4] أرجع ابن رشد سبب الخلاف بين القولين إلى: “هل الرمل كان لعلة، أو لغير علة؟ وهل هو مختص بالمسافر أم لا؟ ”. والسبب الثاني أظهر. [5] انظر: المجموع 8/43.