عمرة القضية كان لذلك السبب، وقد زال، وبقي حكمه، أو صار الرمل بعد ذلك سنة مبتدأة، لا لِمَا شُرِع له أولاً. بل لمعنىً آخر لا نعقله[1]. والله أعلم.
الفرع الرابع: قَدْر الرمل من الطواف.
اختلف العلماء ـ رحمهم الله ـ القائلون بمشروعية الرمل، في قدره. هل يُقتصر فيه على الأشواط الثلاثة الأول منه، أو يُشرع في جميع الطوفات السبع؟ اختلفوا في ذلك على قولين:
القول الأول: إن الرمل إنما يُشرع ويُسن في الأشواط الثلاثة الأول من الطواف. وأن السُّنَّة في الأربعة الأُخر إنما هو المشي المعتاد. بل من ترك الرمل في الثلاثة الأول، لم يُشرع له قضاؤها في الأربعة الأخر.
وإلى هذا ذهب: جمهور العلماء [2].
القول الثاني: إن الرمل يُسن في جميع الطوفات السبع.
وإلى هذا ذهب: عبد الله بن الزبير رضي الله عنه [3]. وذهب ابن حزم [4]، وبعض الحنفية إلى جوازه [5]. [1] انظر: بدائع الصنائع 2/147. ولا يعارض هذا ما جاءت الإشارة إليه من احتمال حِكَمٍ أخرى ذكرها العلماء، كتذكر نعمة الله بظهور الإسلام. [2] انظر حكاية الاتفاق على ذلك في أوّل هذا المطلب. [3] انظر: المحلى 7/96، القرى ص 303، شرح النووي على صحيح مسلم 9/10. [4] انظر: المحلى 7/96. وقال بعد أن ذكر أثر ابن عمر وأنه كان يرمل الثلاث، ويمشي الأربع “فهذا بيان الرمل إنما هو في الثلاثة الأشواط الأول، وأن الرمل في جميع تلك الأشواط جائز”. [5] انظر: المبسوط للشيباني 2/405، 406، المبسوط 4/49، بدائع الصنائع 2/135، البحر الرائق 2/355. قال السرخسي: “وإن رمل في طوافه كله، لم يكن عليه شيء، لأن المشي على هينته في الأشواط الأربعة من الآداب، وبترك الآداب، لا يلزمه شيء”.