responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حجة الله البالغة المؤلف : الدهلوي، شاه ولي الله    الجزء : 1  صفحة : 199
تفصيلها حرج شَدِيد، وَأَيْضًا وَالنَّاس إِذا اعتنوا باقامة مَا ضبط بِهِ الْبر اعتناء شَدِيدا لم يحسوا بفوائد الْبر، وَلم يتوجهوا إِلَى أرواحها كَمَا ترى كثيرا من المجودين لَا يتدبرون معنى الْقُرْآن لاشتغال بالهم بالالفاظ، فَلَا أوفق بِالْمَصْلَحَةِ من أَن يُفَوض إِلَيْهِم الْأَمر بعد أصل الضَّبْط، وَالله أعلم.
وَمِنْهَا أَن الشَّارِع لم يخاطبهم إِلَّا على ميزَان الْعقل الْمُودع فِي أصل خلقتهمْ قبل أَن يتعانوا دقائق الْحِكْمَة وَالْكَلَام وَالْأُصُول، فَأثْبت لنَفسِهِ جِهَة فَقَالَ:
{الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى} .
وَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مرأة سَوْدَاء: " أَيْن الله فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاء فَقَالَ هِيَ مُؤمنَة " وَلم يكلفهم فِي معرفَة اسْتِقْبَال الْقبْلَة وأوقات الصَّلَاة والأعياد حفظ مسَائِل الْهَيْئَة والهندسة وَأَشَارَ بقوله " الْقبْلَة مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب " إِذا اسْتقْبل الْكَعْبَة إِلَى وَجه المسئلة وَقَالَ: " الْحَج يَوْم تحجون وَالْفطر يَوْم تفطرون " وَالله أعلم.
(بَاب أسرار التَّرْغِيب والترهيب)
من نعْمَة الله تبَارك وَتَعَالَى على عباده أَن أوحى إِلَى أنبيائه صلوَات الله عَلَيْهِم مَا يَتَرَتَّب على الْأَعْمَال من الثَّوَاب وَالْعَذَاب؛ ليخبروا الْقَوْم بِهِ، فتمتلئ قُلُوبهم رَغْبَة وَرَهْبَة، ويتقيدوا بالشرائع بداعية منبعثه من أنفسهم كَسَائِر مَا فِيهِ دفع ضرّ أَو جلب نفع وَهُوَ قَوْله تَعَالَى:
{وانها لكبيرة إِلَّا على الخاشعين الَّذين يظنون أَنهم ملاقوا رَبهم وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُون} .
ثمَّ إِن هَهُنَا قَوَاعِد كُلية إِلَيْهَا ترجع جزيئات التَّرْغِيب والترهيب، وَكَانَ فُقَهَاء الصَّحَابَة يعلمونها إِجْمَالا، وَإِن لم يَكُونُوا أحرزوها تَفْصِيلًا، وَمِمَّا يدل على مَا ذكرنَا مَا جَاءَ فِي الحَدِيث أَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " وَفِي بضع أحدكُم صَدَقَة، فَقَالُوا يَأْتِي أَحَدنَا شَهْوَته، وَيكون لَهُ فِيهَا أجر؟ قَالَ
أَرَأَيْتُم لَو وَضعهَا فِي حرَام كَانَ عَلَيْهِ وزر " فَمَا توقفوا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة دون غَيرهَا، وَمَا اشْتبهَ عَلَيْهِم لميتها إِلَّا لما عِنْدهم من معرفَة مُنَاسبَة الْأَعْمَال لأجزيتها، وَأَنَّهَا ترجع إِلَى أصل مَعْقُول الْمَعْنى، وَلَوْلَا ذَلِك لم يكن لسؤالهم وَلَا لجواب النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالِاعْتِبَارِ بِأَصْل وَاضح - وَجه، وَقَوْلِي هَذَا نَظِير مَا قَالَه الْفُقَهَاء فِي حَدِيث، " لَو كَانَ على أَبِيك دين أَكنت قاضيه؟ قَالَ نعم قَالَ فدين الله أَحَق أَن يقْضِي " من أَنه يدل على أَن الْأَحْكَام معلقَة بأصول

اسم الکتاب : حجة الله البالغة المؤلف : الدهلوي، شاه ولي الله    الجزء : 1  صفحة : 199
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست