responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حجة الله البالغة المؤلف : الدهلوي، شاه ولي الله    الجزء : 1  صفحة : 198
وَمِنْهَا أَن يرغم أنف من أَرَادَ غير الْحق بتأييسه كالقاتل لَا يَرث، وَالْمكْره فِي الطَّلَاق لَا ينفذ طَلَاقه، فَيكون كابحا للجبارين من الاكراه إِذْ لم يحصل غرضهم.
وَمِنْهَا أَلا يشرع لَهُم مَا فِيهِ مشقة إِلَّا شَيْئا فَشَيْئًا وَهُوَ قَول عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا إِنَّمَا أنزل أول نزل مِنْهُ سور من الْمفصل فِيهَا ذكر الْجنَّة وَالنَّار، حَتَّى إِذا ثاب النَّاس إِلَى الْإِسْلَام نزل الْحَلَال وَالْحرَام، وَلَو نزل أول شَيْء لَا تشْربُوا الْخمر لقالوا لَا نَدع الْخمر أبدا، وَلَو نزل لَا تَزْنُوا لقالوا لَا نَدع الزِّنَا أبدا.
وَمِنْهَا أَن لَا يفعل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تخْتَلف بِهِ قُلُوبهم، فَيتْرك بعض الْأُمُور المستحبة لذَلِك، وَهُوَ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعَائِشَة " لَوْلَا حدثان قَوْمك بالْكفْر لنقضت الْكَعْبَة، وبنيتها على أساس إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ".
وَمِنْهَا أَن الشَّارِع أَمر بأنواع الْبر من الْوضُوء وَالْغسْل وَالصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالصَّوْم وَالْحج وَغَيرهَا، وَلم يَتْرُكهَا مفوضة إِلَى عُقُولهمْ، بل ضَبطهَا بالأركان والشروط والآداب وَنَحْوهَا، ثمَّ لم يضْبط الْأَركان والشروط والآداب كثير ضبط، بل تَركهَا مفوضة إِلَى عُقُولهمْ وَإِلَى مَا يفهمونه من تِلْكَ الْأَلْفَاظ، وَمَا يعتادونه فِي ذَلِك الْبَاب، فَبين مثلا أَنه لَا صَلَاة إِلَّا بِفَاتِحَة الْكتاب، وَلم يبين مخارج الْحُرُوف الَّتِي تتَوَقَّف عَلَيْهَا صِحَة قِرَاءَة الْفَاتِحَة وتشديداتها وحركاتها وسكناتها، وَبَين أَن اسْتِقْبَال الْقبْلَة شَرط فِي الصَّلَاة، وَلم يبين قانونا نَعْرِف بِهِ استقبالها، وَبَين أَن نِصَاب الزَّكَاة مِائَتَا دِرْهَم، وَلم يبين أَن الدِّرْهَم مَا وَزنه، وَحَيْثُ سُئِلَ عَن مثل ذَلِك لم يزدْ على مَا عِنْدهم، وَلم يَأْتهمْ بِمَا لَا يجدونه فِي عاداتهم، فَقَالَ فِي مَسْأَلَة هِلَال شهر رَمَضَان " فَإِذا غم عَلَيْكُم فأكملوا عدَّة شعْبَان ثَلَاثِينَ " وَقَالَ فِي المَاء يكون فِي فلاة من الأَرْض ترده السبَاع والبهائم " إِذا بلغ المَاء قُلَّتَيْنِ لم يحمل خبثا " وَأَصله مُعْتَاد فيهم كَمَا بَينا.
والسر فِي ذَلِك أَن كل شَيْء مِنْهَا لَا يُمكن أَن يبين إِلَّا بحقائق مثلهَا فِي الظُّهُور والخفاء وَعدم الانضباط، فَيحْتَاج أَيْضا إِلَى الْبَيَان وهلم جرا، وَذَلِكَ حرج عَظِيم من حَيْثُ أَن كل تَوْقِيت تضييق عَلَيْهِم فِي الْجُمْلَة، فَإِذا كثرت التوقيتات ضَاقَ المجال كل الضّيق، وَمن حَيْثُ أَن الشَّرْع يُكَلف بِهِ الأدانى والأقاصي كلهم، وَفِي حفظ تِلْكَ الْحُدُود على

اسم الکتاب : حجة الله البالغة المؤلف : الدهلوي، شاه ولي الله    الجزء : 1  صفحة : 198
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست