responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تهذيب الآثار مسند عمر المؤلف : الطبري، أبو جعفر    الجزء : 1  صفحة : 426
704 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ، قَالَ: سَمِعْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ، تَقُولُ: أَرْسَلَ إِلَيَّ زَوْجِي أَبُو عَمْرِو بْنُ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ مَعَ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بِطَلَاقِي، فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا §انْقَضَتْ عِدَّتُكِ فَآذِنِينِي» . فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتِي، خَطَبَنِي خُطَّابٌ فِيهِمْ مُعَاوِيَةُ وَأَبُو الْجَهْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَثِيثُ الْحَالِ، وَأَبُو الْجَهْمِ يَضْرِبُ النِّسَاءَ - أَوْ فِيهِ شِدَّةٌ عَلَى النِّسَاءِ - وَلَكِنْ عَلَيْكِ بِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ» ، أَوْ قَالَ: «انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» فَقَدْ بَيَّنَ هَذَا الْخَبَرُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَضَعْ عَصَاكَ عَنْ أَهْلِكَ» إِنَّمَا هُوَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الشِّدَّةِ عَلَيْهِمْ فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، بِمَا يَكُونُ كَافًّا لَهُمْ عَنِ اقْتِحَامِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، رَهْبَةً مِنْهُ، وَخَوْفًا مِنْ عِقَابِهِ لَهُمْ. وَذَلِكَ أَنَّهُ رَوَى عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَمَاعَةٌ أَنَّهُ قَالَ لَهَا: «إِنَّ أَبَا جَهْمٍ لَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ أَهْلِهِ» ، وَرَوَتْ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ قَالَ لَهَا: «إِنَّ فِيهِ شِدَّةً عَلَى النِّسَاءِ وَغِلْظَةً» ، فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ مَعْنًى وَاحِدٌ، اخْتَلَفَتْ بِهِ أَلْفَاظُ الرُّوَاةِ؛ لْاتِّفَاقِ مَعَانِي جَمِيعِهَا؛ وَلِذَلِكَ اسْتَجَازَتِ الرُّوَاةُ تَغْيِيرَ الْأَلْفَاظِ بِهِ -[427]-. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ لِلَّذِي قَالَ لَهُ: «لَا تَضَعْ عَصَاكَ عَنْ أَهْلِكَ» مَا وَصَفْتَ، ثُمَّ يَقُولَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فِي تَكْرِيهِهِ إِلَيْهَا نِكَاحَ أَبِي جَهْمٍ أَنَّهُ لَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ أَهْلِهِ، فَيُكَرِّهَ إِلَيْهَا نِكَاحَ مِنْ عَمِلَ بِمَا أَدَّبَهُ مِنَ الْأَخْلَاقِ، وَفَعَلَ مَا نَدَبَهُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَفْعَالِ؛ لِعِلْمِهِ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ وَعَمَلِهِ بِهِ؟ إِنَّ هَذَا مِنْ أَخْلَاقِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَعِيدٌ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ مِنْهُ نَاسِخًا الْقَوْلَ الْآخَرَ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَأَيُّهُمَا النَّاسِخُ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَأَيُّهُمَا الْمَنْسُوخُ؟ قِيلَ لَهُ: لَيْسَ فِي هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ رُوِيَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسِخٌ وَلَا مَنْسُوخٌ، بَلْ كِلَاهُمَا صَحِيحٌ مَعْنَاهُ، مَفْهُومٌ وَجْهُهُ وَمَصْدَرُهُ. فَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَا تَضَعْ عَصَاكَ عَنْ أَهْلِكَ» لِلَّذِي قَالَ ذَلِكَ لَهُ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ مَا وَصَفْنَا قَبْلُ مِنْ أَمَرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ بِإِخَافَةِ أَهْلِهِ فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا يَكُونُ رَادِعًا لَهُمْ عَنِ اقْتِحَامِ حُدُودِ اللَّهِ، وَاجْتِرَامِ مَعَاصِيهِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي أَلْزَمَهُمُوهَا لَهُ أَوْ لِنَفْسِهِ، مِنَ التَّرْهِيبِ وَالتَّخْوِيفِ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي قَدْ وَصَفْتُ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّهُ رَاعٍ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ سِيرَتِهِ الَّتِي سَارَهَا فِيهِمْ، كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ لِفَاطِمَةَ: «أَمَّا أَبُو جَهْمٍ، فَإِنَّهُ لَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ أَهْلِهِ» ، فَإِنَّهُ مَعْنِيٌّ بِهِ أَنَّهُ لَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ أَهْلِهِ فِي الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ؛ فَلِذَلِكَ كَرَّهَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا نِكَاحَهُ. يُبَيِّنُ أَنَّ الَّذِيَ قُلْنَا مِنْ ذَلِكَ كَالَّذِي قُلْنَا مَا

اسم الکتاب : تهذيب الآثار مسند عمر المؤلف : الطبري، أبو جعفر    الجزء : 1  صفحة : 426
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست