responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 40  صفحة : 267
قَال الْبَزْدَوِيُّ: إِنَّمَا يَصِيرُ النِّسْيَانُ عُذْرًا فِي حَقِّ الشَّرْعِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ غَفْلَةٍ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ عَنْ غَفْلَةٍ فَلاَ يَكُونُ عُذْرًا، كَنِسْيَانِ الْمَرْءِ مَا حَفِظَهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى تِذْكَارِهِ بِالتَّكْرَارِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَقَعُ فِيهِ بِتَقْصِيرِهِ فَيَصْلُحُ سَبَبًا لِلْعِتَابِ، وَلِهَذَا يَسْتَحِقُّ الْوَعِيدَ مَنْ نَسِيَ الْقُرْآنَ بَعْدَمَا حَفِظَهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّذَكُّرِ بِالتَّذْكَارِ. (1)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ النِّسْيَانَ فِي الْعِبَادَاتِ لاَ يُقْدَحُ وَالْجَهْل يُقْدَحُ؛ لأَِنَّهُ إِذَا كَانَ الْعِلْمُ بِمَا يُقْدِمُ الإِْنْسَانُ عَلَيْهِ وَاجِبًا كَانَ الْجَاهِل فِي الصَّلاَةِ عَاصِيًا بِتَرْكِ الْعِلْمِ، فَهُوَ كَالْمُتَعَمِّدِ التَّرْكَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ وَجْهُ قَوْل مَالِكٍ: إِنِ الْجَهْل فِي الصَّلاَةِ كَالْعَمْدِ وَالْجَاهِل كَالْمُتَعَمِّدِ لاَ كَالنَّاسِي، وَأَمَّا النَّاسِي فَمَعْفُوٌّ عَنْهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ، وَأَجْمَعَتِ الأُْمَّةُ عَلَى أَنَّ النِّسْيَانَ لاَ إِثْمَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ، وَكَذَلِكَ فَإِنَّ النِّسْيَانَ يَهْجُمُ عَلَى الْعَبْدِ قَهْرًا لاَ حِيلَةَ لَهُ فِي دَفْعِهِ عَنْهُ، وَالْجَهْل لَهُ حِيلَةٌ فِي دَفْعِهِ بِالتَّعَلُّمِ. (2)

(1) كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي 4 / 1397.
(2) الفروق [2] / 146 - 149.
الأَْحْكَامُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى النِّسْيَانِ: يَتَرَتَّبُ عَلَى النِّسْيَانِ أَحْكَامٌ فِي الدُّنْيَا وَفِي الآْخِرَةِ. أَوَّلاً: الْحُكْمُ الأُْخْرَوِيُّ: 4 - اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ النِّسْيَانَ مُسْقِطٌ لِلإِْثْمِ مُطْلَقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [1] . وَقَوْل الرَّسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ [2] . وَلأَِنَّ النِّسْيَانَ مِنْ بَابِ تَرْكِ الْحَقِيقَةِ بِدَلاَلَةِ مَحَل الْكَلاَمِ؛ لأَِنَّ عَيْنَ الْخَطَأِ وَأَخَوَيْهِ غَيْرُ مَرْفُوعٍ، فَالْمُرَادُ حُكْمُهَا وَهُوَ نَوْعَانِ: أُخْرَوِيٌّ، وَهُوَ الْمَأْثَمُ، وَدُنْيَوِيٌّ وَهُوَ الْفَسَادُ، وَالْحُكْمَانِ مُخْتَلِفَانِ، فَصَارَ بَعْدَ كَوْنِهِ مَجَازًا مُشْتَرَكًا لاَ يَعُمُّ، فَإِذَا ثَبَتَ الأُْخْرَوِيُّ إِجْمَاعًا لَمْ يَثْبُتِ الآْخَرُ. (3)

[1] سورة البقرة / 286
[2] حديث: " إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان. . " تقدم تخريجه ف (3) .
(3) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 302 - 303، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 187، والمنثور في القواعد للزركشي 3 / 272 - 273، وشرح مسلم الثبوت 1 / 295، وشرح الكوكب المنير 1 / 511 وما بعدها، وشرح مختصر الروضة 1 / 188 وما بعدها.
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 40  صفحة : 267
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست