responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 40  صفحة : 266
الَّتِي امْتَنَعَ تَكْلِيفُهُ مِنْ أَجْلِهَا بِخِلاَفِ الْبَهِيمَةِ [1] وَقَال بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: نِسْيَانُ الأَْحْكَامِ بِسَبَبِ قُوَّةِ الشَّهَوَاتِ لاَ يُسْقِطُ التَّكْلِيفَ، كَمَنْ رَأَى امْرَأَةً جَمِيلَةً وَهُوَ يَعْلَمُ تَحْرِيمَ النَّظَرِ إِلَيْهَا، فَنَظَرَ إِلَيْهَا نَاسِيًا عَنْ تَحْرِيمِ النَّظَرِ (2)
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ النِّسْيَانَ لاَ يُنَافِي الْوُجُوبَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى؛ لأَِنَّهُ لاَ يُنَافِي الْعَقْل، وَلاَ حُكْمَ الْفِعْل، وَلاَ الْقَوْل، وَلَكِنَّهُ يُحْتَمَل أَنْ يُجْعَل عُذْرًا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى؛ لأَِنَّهُ يَعْدَمُ الْقَصْدَ، إِذِ الْقَصْدُ إِلَى فِعْلٍ بِعَيْنِهِ لاَ يُقْصَدُ قَبْل الْعِلْمِ بِهِ.
قَال أَبُو الْيُسْرِ: النِّسْيَانُ سَبَبٌ لِلْعَجْزِ؛ لأَِنَّ النَّاسِيَ يَعْجِزُ عَنْ أَدَاءِ الْحُقُوقِ بِسَبَبِ النِّسْيَانِ، فَيَمْنَعُ وُجُودَ أَدَاءِ الْحُقُوقِ كَسَائِرِ الأَْعْذَارِ عِنْدَ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا، لَكِنَّهُ لاَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْحُقُوقِ، فَإِنَّهُ لاَ يُخِل بِالأَْهْلِيَّةِ، وَإِيجَابُ الْحُقُوقِ عَلَى النَّاسِي لاَ يُؤَدِّي إِلَى إِيقَاعِهِ فِي الْحَرَجِ لِيَمْتَنِعَ الْوُجُوبُ بِهِ، إِذِ الإِْنْسَانُ لاَ يَنْسَى عِبَادَاتٍ مُتَوَالِيَةً

[1] شرح الكوكب المنير [1] / 511 - 512، وانظر شرح مختصر الروضة للطوفي [1] / 188، ونزهة الخاطر العاطر شرح روضة الناظر لابن بدران [1] / 139 - 141، والقواعد والفوائد الأصولية ص 30 وما بعدها، والبحر المحيط [1] / 351 - 352، والمستصفى [1] / 84، وقواعد الأحكام للعز بن عبد السلام [2] / 3.
(2) البحر المحيط [1] / 351 - 352، والمستصفى [1] / 84، والقواعد للعز بن عبد السلام [2] / 3.
تَدْخُل فِي حَدِّ التَّكْرَارِ غَالِبًا، فَصَارَ فِي حُكْمِ النَّوْمِ، وَلِهَذَا قَرَنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ نِسْيَانِ الصَّلاَةِ وَالنَّوْمِ عَنْهَا فِي قَوْلِهِ: إِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلاَةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا [1] . وَفِي حُقُوقِ الْعِبَادِ لاَ يُجْعَل النِّسْيَانُ عُذْرًا؛ لأَِنَّ حُقُوقَ الْعِبَادِ مُحْتَرَمَةٌ لِحَقِّهِمْ، جَبْرًا لِلْفَائِتِ، لاَ ابْتِلاَءً، وَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى شُرِعَتِ ابْتِلاَءً لاِسْتِغْنَائِهِ عَنِ الْخَلْقِ، وَلَكِنَّهُ ابْتَلاَهُمْ، لأَِنَّهُ إِلَهُنَا وَنَحْنُ عَبِيدُهُ، وَلِلْمَالِكِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَمْلُوكِهِ كَيْفَ يَشَاءُ. (2)
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ النِّسْيَانُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: ضَرْبٌ أَصْلِيٌّ، وَيُرَادُ بِهِ مَا يَقَعُ فِيهِ الإِْنْسَانُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ أَسْبَابِ التَّذَكُّرِ، وَهَذَا الْقِسْمُ يَصْلُحُ عُذْرًا لِغَلَبَةِ وَجُودِهِ. وَضَرْبٌ غَيْرُ أَصْلِيٍّ أَوْ طَارِئٌ يَقَعُ الْمَرْءُ فِيهِ بِالتَّقْصِيرِ: بِأَنْ لَمْ يُبَاشِرْ سَبَبَ التَّذَكُّرِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وَهَذَا الضَّرْبُ يَصْلُحُ لِلْعِتَابِ، أَيْ لاَ يَصْلُحُ عُذْرًا لِلتَّقْصِيرِ لِعَدَمِ غَلَبَةِ وَجُودِهِ.

[1] حديث: " إذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها " أخرجه النسائي (19 / 294 ط التجارية) الكبرى والترمذي (1 / 334 ط التجارية الكبرى) من حديث أبي قتادة، وقال الترمذي: حسن صحيح.
[2] فتح الغفار شرح المنار لابن نجيم 2 / 88، وكشف الأسرار 4 / 1397.
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 40  صفحة : 266
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست