responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 67
سَوَاءٌ سَوَاءٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا مَا كَانَ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: قَدْ أَقْرَضْتُكَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ مَالِي، أَوْ تَصَدَّقْتُ عَلَيْك بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ مَالِي، أَوْ وَهَبْتُكَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ مَالِي -: فَهَذَا كُلُّهُ لَا يَلْزَمُ لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ: مِنْ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، إلَّا فِي مُعَيَّنٍ، وَإِلَّا فَلَيْسَ وَاهِبًا لِشَيْءٍ، وَلَا مُتَصَدِّقًا بِشَيْءٍ، وَلَا مُقْرِضًا لِشَيْءٍ.
وَالْقَوْلُ فِي الْعَارِيَّةِ كَالْقَوْلِ فِيمَا ذَكَرْنَا سَوَاءٌ سَوَاءٌ، وَلَوْ صَحَّ هَذَا الْقِيَاسُ لَكَانَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ.
وَأَيْضًا - فَإِنَّ الْقَرْضَ يَرْجِعُ فِيهِ مَتَى أَحَبَّ، وَالْعَارِيَّةَ كَذَلِكَ، وَلَا يَرْجِعُ عِنْدَنَا فِي الْهِبَةِ وَلَا فِي الصَّدَقَةِ، وَأَيْضًا - فَإِنَّ الصَّدَقَةَ وَالْهِبَةَ تَمْلِيكٌ لِلرَّقَبَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَالْقَرْضَ تَمْلِيكٌ لِلرَّقَبَةِ بِعِوَضٍ، وَالْعَارِيَّةَ لَيْسَتْ تَمْلِيكًا لِلرَّقَبَةِ أَصْلًا -: فَبَطَلَ قِيَاسُ بَعْضِ ذَلِكَ عَلَى بَعْضٍ لِاخْتِلَافِ أَحْكَامِهَا.
وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: اتِّفَاقُ جَمِيعِهَا فِي أَنَّهَا بِرٌّ وَمَعْرُوفٌ فَأَنَا أَقِيسُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ بِأَوْلَى مِمَّنْ قَالَ افْتِرَاقُهَا فِي أَحْكَامِهَا يُوجِبُ أَنْ لَا يُقَاسَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَإِذَا كَانَ الِاتِّفَاقُ يُوجِبُ الْقِيَاسَ، فَالِافْتِرَاقُ يُبْطِلُ الْقِيَاسَ، وَإِلَّا فَقَدْ تَحَكَّمُوا بِالدَّعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ.
وَيُقَالُ لَهُمْ: هَلَّا قِسْتُمْ كُلَّ ذَلِكَ عَلَى النَّذْرِ الْوَاجِبِ عِنْدَكُمْ بِاللَّفْظِ وَإِنْ لَمْ يُقْبَضْ، فَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ مِنْ الْعَارِيَّةِ وَالْقَرْضِ؟ وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ: فَقَدْ كَفَوْنَا مُؤْنَةَ قِيَاسِهِمْ عَلَيْهَا، لِأَنَّهُمْ لَا يُوجِبُونَ فِيهَا الصِّحَّةَ بِالْقَبْضِ أَصْلًا، بَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ بِالْمَوْتِ فَقَطْ.
وَقَوْلُهُمْ: لَا تَجِبُ بِاللَّفْظِ دُونَ مَعْنًى آخَرَ - وَهُوَ الْمَوْتُ - فَتَمْوِيهٌ بَارِدٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَمْ يُوجِبْ الْوَصِيَّةَ قَطُّ بِلَفْظِهِ، بَلْ إنَّمَا أَوْجَبَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَحِينَئِذٍ وَجَبَتْ بِمَا أَوْجَبَهَا بِهِ فَقَطْ دُونَ مَعْنًى آخَرَ -: فَظَهَرَ فَسَادُ قِيَاسِهِمْ وَبَرْدُهُ وَغَثَاثَتُهُ، وَمُخَالَفَتُهُ لِلْحَقِّ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَنَبْدَأُ بِخَبَرِ أَبِي بَكْرٍ، وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَنَقُولُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ -:

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 67
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست