responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 66
وَأَيْضًا - فَإِنَّ مَنْ قَالَ: مَا لِي هَذَا صَدَقَةٌ عَلَى فُلَانٍ، أَوْ قَالَ: قَدْ تَصَدَّقْت عَلَيْك بِهَذَا الشَّيْءِ، أَوْ قَالَ: مَالِي هَذَا هِبَةٌ لِفُلَانٍ، أَوْ قَالَ: قَدْ وَهَبْتُهُ لِفُلَانٍ -: فَلَا يَخْتَلِفُ اثْنَانِ مِمَّنْ يُحْسِنُ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ فِي أَنَّهُ يُقَالُ: قَدْ تَصَدَّقَ فُلَانٌ بِكَذَا عَلَى فُلَانٍ، وَقَدْ وَهَبَ لَهُ كَذَا فَلَوْ لَمْ تَكُنْ الصَّدَقَةُ كَامِلَةً تَامَّةً بِاللَّفْظِ، لَكَانَ الْمُخْبِرُ عَنْهُ بِأَنَّهُ تَصَدَّقَ، أَوْ وَهَبَ كَاذِبًا - فَوَجَبَ حَمْلُ الْحُكْمِ عَلَى مَا تُوجِبُهُ اللُّغَةُ، مَا لَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِحُكْمٍ زَائِدٍ لَا تَقْتَضِيهِ اللُّغَةُ فَيُوقَفُ عِنْدَهُ وَيُعْمَلُ بِهِ.
وَيُسْأَلُ الْمَالِكِيُّونَ خَاصَّةً عَمَّنْ قَالَ: قَدْ وَهَبْتُ هَذَا الشَّيْءَ لَك، أَوْ قَالَ: هَذَا الشَّيْءُ هِبَةٌ لَك، أَوْ قَالَ: قَدْ تَصَدَّقْت عَلَيْك بِهَذَا، أَوْ قَالَ: هَذَا صَدَقَةٌ عَلَيْك - أَتَصَدَّقُ، وَوَهَبَ بِذَلِكَ الشَّيْءِ أَمْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِهِ وَلَا وَهَبَهُ؟ وَلَا ثَالِثَ لِهَذَا التَّقْسِيمِ.
فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، قَدْ تَصَدَّقَ بِهِ وَوَهَبَهُ؟ قُلْنَا: فَإِذْ قَدْ تَصَدَّقَ بِهِ وَوَهَبَهُ فَقَدْ تَمَّتْ الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ وَصَحَّتْ، فَمَا يَضُرُّهُمَا تَرْكُ الْحِيَازَةِ وَالْقَبْضِ، إذَا لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ نَصٌّ؟ فَإِنْ قَالُوا: لَمْ يَهَبْ وَلَا تَصَدَّقَ؟ قُلْنَا: فَمِنْ أَيْنَ اسْتَحْلَلْتُمْ إجْبَارَهُ وَالْحُكْمَ عَلَيْهِ بِدَفْعِ مَالٍ مِنْ مَالِهِ لَمْ يُتَصَدَّقْ بِهِ عَلَيْهِ، وَلَا وَهَبَهُ إلَى مَنْ لَمْ يَهَبْهُ لَهُ وَلَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ؟ هَذَا عَيْنُ الظُّلْمِ وَالْبَاطِلِ، وَلَا مُخَلِّصَ لَهُمْ مِنْ أَحَدِهِمَا.
وَأَمَّا مَنْ دُونَ الصَّحَابَةِ فَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، لَا سِيَّمَا وَالْخِلَافُ قَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
وَأَيْضًا - فَأَكْثَرُ تِلْكَ الْأَخْبَارِ إمَّا لَا تَصِحُّ، وَإِمَّا قَدْ جَاءَتْ بِخِلَافِ مَا تَعَلَّقُوا بِهِ مِنْ أَلْفَاظِهَا، وَإِمَّا قَدْ خَالَفُوا أُولَئِكَ الصَّحَابَةَ فِيمَا جَاءَ عَنْهُمْ، كَمَجِيءِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ، أَوْ بِأَصَحَّ عَلَى مَا نُبَيِّنُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ الْهِبَةَ، وَالصَّدَقَةَ عَلَى الْقَرْضِ، وَالْوَصِيَّةِ، وَالْعَارِيَّةِ -: فَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنُ الْبَاطِلِ -: أَمَّا الْقَرْضُ: فَقَدْ أَبْطَلُوا - وَهُوَ لَازِمٌ بِاللَّفْظِ وَمَحْكُومٌ بِهِ وَلَا بُدَّ - إذْ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِخِلَافِ هَذَا، وَإِنَّمَا يَبْطُلُ مِنْ الْقَرْضِ بِعَدَمِ الْإِقْبَاضِ مِثْلُ مَا يَبْطُلُ مِنْ الْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ،

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 66
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست