responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 57
وَالْقِيَاسُ بَاطِلٌ، وَلِكُلِّ شَيْءٍ حُكْمُهُ الْوَارِدُ فِيهِ بِالنَّصِّ.
فَإِنْ ذَكَرُوا الْحَدِيثَ الَّذِي رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ نا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ دِحْيَةُ يَوْمَ خَيْبَرَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي جَارِيَةً مِنْ السَّبْيِ؟ قَالَ: اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً فَأَخَذَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيِّ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطَيْتَ دِحْيَةَ بِنْتَ حُيَيِّ سَيِّدِ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ وَمَا تَصْلُحُ إلَّا لَكَ، قَالَ: اُدْعُهُ بِهَا، قَالَ: فَجَاءَ بِهَا، فَلَمَّا نَظَرَ إلَيْهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: خُذْ جَارِيَةً مِنْ السَّبْيِ غَيْرَهَا - وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا.»
قُلْنَا: هَذَا أَعْظَمُ حُجَّةً لَنَا؛ لِأَنَّ الْعَطِيَّةَ لَوْ تَمَّتْ لَمْ يَرْتَجِعْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَحَاشَا لَهُ مِنْ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ الْمَثَلُ السَّوْءُ، وَهُوَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَقُولُ: «لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ، كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ»
لَكِنَّ أَخْذَهَا وَتَمَامَ مِلْكِهِ لَهَا، وَكَمَالَ عَطِيَّتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَهُ، إذْ عَرَفَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَيْنَهَا، أَوْ صِفَتَهَا، أَوْ قَدْرَهَا، وَمَنْ هِيَ؟ ؟ فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رَوَيْتُمْ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اشْتَرَى صَفِيَّةَ مِنْ دِحْيَةَ وَقَدْ وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ» .
قُلْنَا: كِلَا الْخَبَرَيْنِ عَنْ أَنَسٍ صَحِيحٌ، وَتَأْلِيفُهُمَا ظَاهِرٌ.
وَقَوْلُهُ " إنَّهَا وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ، إنَّمَا مَعْنَاهُ بِأَخْذِهِ إيَّاهَا إذْ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - جَارِيَةً مِنْ السَّبْيِ؟ فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً - وَبِلَا شَكٍّ أَنَّ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا لِنَفْسِهِ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ فَقَدْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ.
وَقَوْلُهُ «اشْتَرَاهَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ» يُخَرَّجُ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ -: أَحَدُهُمَا - أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَوَّضَهُ مِنْهَا فَسَمَّى أَنَسٌ ذَلِكَ الْفِعْلَ شِرَاءً. وَالثَّانِي - «أَنَّ دِحْيَةَ إذْ أَتَى بِهَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ: خُذْ غَيْرَهَا، قَدْ سَأَلَهُ إيَّاهَا» وَكَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يُسْأَلُ شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ، فَأَعْطَاهُ إيَّاهَا، فَصَحَّتْ لَهُ، وَصَحَّ وُقُوعُهَا فِي سَهْمِهِ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ.
وَلَا شَكَّ فِي صِحَّةِ الْخَبَرَيْنِ، وَلَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِصِحَّتِهِمَا، إلَّا كَمَا ذَكَرْنَا، وَمَا لَا شَكَّ فِيهِ فَلَا شَكَّ فِيمَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 57
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست