responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 51
وَإِنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا حَتَّى تَشْبَعُوا وَتَكْتَالُوا حَتَّى تَسْتَوْفُوا، فَفَعَلْنَا، فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ» وَذُكِرَ بَاقِيَ الْخَبَرِ.
قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي اشْتَرَى الْجَمَلَ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَنَّهُ عَلِمَ بِصِفَةِ ابْتِيَاعِهِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ غَيْرَهُ كَانَ الْمُبْتَاعَ بِدَلِيلِ قَوْلِ طَارِقٍ بِأَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِذِي الْمَجَازِ وَمَرَّةً عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ، فَلَوْ كَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هُوَ الَّذِي ابْتَاعَ الْجَمَلَ لَكَانَ قَدْ رَآهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَهَذَا خِلَافُ الْخَبَرِ.
فَصَحَّ أَنَّهُ كَانَ غَيْرَهُ، وَلَا حُجَّةَ فِي عَمَلِ غَيْرِهِ، وَقَدْ كَانَ فِي أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْجَمَالُ الْبَارِعُ، وَالْوَسَامَةُ، وَالْمُعَامَلَةُ الْجَمِيلَةُ.
وَقَدْ اشْتَرَى بِلَالٌ وَمَا يُقْطَعُ بِفَضْلِ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ غَيْرِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ: صَاعًا مِنْ تَمْرٍ بِصَاعَيْ تَمْرٍ، وَقَدْ يَكُونُ مُشْتَرِي الْجَمَلِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ إلَى الْقَوْمِ ثَمَنَ الْجَمَلِ فَفَعَلَ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ صَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ الْمُشْتَرِي، أَوْ أَنَّهُ عَلِمَ الْأَمْرَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ لَكَانَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِيجَابِ الْأَجَلِ زَائِدًا عَلَيْهِ زِيَادَةً يَلْزَمُ إضَافَتُهَا إلَيْهِ، وَلَا يَحِلُّ تَرْكُهَا.
فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ، وَلْيَعْلَمْ مَنْ قَرَأَ كِتَابَنَا هَذَا أَنَّهُمَا صَحِيحَانِ لَا دَاخِلَةَ فِيهِمَا إلَّا أَنَّ الْقَوْلَ فِيهِمَا كَمَا ذَكَرْنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة إذَا أَسْلَمَ فِي صِنْفَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّن مِقْدَار كُلّ صنف]
1620 - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ أَسْلَمَ فِي صِنْفَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهُمَا فَهُوَ بَاطِلٌ مَفْسُوخٌ، مِثْلُ أَنْ يُسَلِّمَ فِي قَفِيزَيْنِ مِنْ قَمْحٍ وَشَعِيرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَمْ يَكُونُ مِنْهُمَا قَمْحًا، وَكَمْ يَكُونُ شَعِيرًا، وَلَا يَجُوزُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
فَلَوْ أَسْلَمَ اثْنَانِ إلَى وَاحِدٍ فَهُوَ جَائِزٌ، وَالسَّلَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا فِي الثَّمَنِ الَّذِي يَدْفَعَانِ؛ لِأَنَّ الَّذِي أَسْلَمَا فِيهِ إنَّمَا هُوَ بِإِزَاءِ الثَّمَنِ بِلَا خِلَافٍ.
فَلَوْ أَسْلَمَ وَاحِدٌ إلَى اثْنَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً، فَهُمَا فِيمَا قَبَضَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 51
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست