responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 50
وَقَوْلُ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْخَبَرِ نَفْسِهِ، فَلَمَّا لَمْ يَفْهَمْ عَنْهُ الْأَعْرَابِيُّ اسْتَقْرَضَ مِنْ أُمِّ حَكِيمٍ فَصَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حِينَئِذٍ أَمْضَى مَعَهُ الْعَقْدَ الْمَحْدُودَ وَتَمَّ الْبَيْعُ بِحُضُورِ الثَّمَنِ وَقَبَضَ الْأَعْرَابِيُّ.
هَذَا الْخَبَرُ حُجَّةٌ عَلَى الْحَنَفِيِّينَ، وَالْمَالِكِيِّينَ؛ لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ الْبَيْعَ يَتِمُّ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: إنَّ هَذَا مَنْسُوخٌ بِذِكْرِ الْأَجَلِ فِي السَّلَمِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْأَجَلِ فِي السَّلَمِ كَانَ فِي أَوَّلِ الْهِجْرَةِ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا صَدَقَةُ هُوَ ابْنُ خَالِدٍ نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسَلِّفُونَ بِالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ، وَالثَّلَاثَ فَقَالَ: مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ مِنْ كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» وَكَانَ خَبَرُ عَائِشَةَ بَعْدَ ذَلِكَ.
فَإِنْ قِيلَ: إنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ قَدْ كَانَ تَمَّ بَيْنَهُمَا.
قُلْنَا: لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَقُلْ: إنَّ هَذَا الْأَعْرَابِيَّ صَاحِبُ حَقٍّ، إنَّمَا أَخْبَرَ أَنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا فَقَطْ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَحَاشَا اللَّهِ أَنْ يَكُونَ الْأَعْرَابِيُّ صَاحِبَ حَقٍّ وَهُوَ يَصِفُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْغَدْرِ؟
وَالْخَبَرُ الثَّانِي: رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ نا يَزِيدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ نا أَبُو صَخْرَةَ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيِّ: قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ وَهُوَ يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا، وَأَبُو لَهَبٍ يَتْبَعُهُ بِالْحِجَارَةِ قَدْ أَدْمَى كَعْبَيْهِ وَعُرْقُوبَيْهِ، فَلَمَّا ظَهَرَ الْإِسْلَامُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَقْبَلْنَا مِنْ الرَّبَذَةِ حَتَّى نَزَلْنَا قَرِيبًا مِنْ الْمَدِينَةِ، وَمَعَنَا ظَعِينَةٌ لَنَا، فَأَتَانَا رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا، فَرَدَدْنَا عَلَيْهِ السَّلَامَ، وَمَعَنَا جَمَلٌ لَنَا، فَقَالَ: أَتَبِيعُونَ الْجَمَلَ؟ فَقُلْنَا نَعَمْ، قَالَ: بِكَمْ؟ قُلْنَا: بِكَذَا وَكَذَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُ ثُمَّ أَخَذَ بِرَأْسِ الْجَمَلِ حَيْثُ دَخَلَ الْمَدِينَةَ، فَتَلَاوَمْنَا وَقُلْنَا: أَعْطَيْتُمْ جَمَلَكُمْ رَجُلًا لَا تَعْرِفُونَهُ؟ فَقَالَتْ الظَّعِينَةُ: لَا تَلَاوَمُوا فَلَقَدْ رَأَيْتُ وَجْهًا مَا كَانَ لِيَخْفِرَكُمْ مَا رَأَيْتُ وَجْهًا أَشْبَهَ بِالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ مِنْ وَجْهِهِ، فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ أَتَانَا رَجُلٌ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ إنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إلَيْكُمْ

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 50
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست