responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 415
وَهُمْ لَا يَأْخُذُونَ بِهَذَا نَفْسَهُ مِنْ حُكْمِ عُمَرَ فِي السَّاحِرِ - وَحَتَّى لَوْ الْتَزَمُوا قَوْلَ عُمَرَ كُلَّهُ لَكَانَ إذْ صَحَّ خِلَافُ عَائِشَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهَا، وَلَا قَوْلُهَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ.
فَالْوَاجِبُ عِنْدَ التَّنَازُعِ الرُّجُوعُ إلَى مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى الرُّجُوعَ إلَيْهِ: مِنْ الْقُرْآنِ، وَالسُّنَّةِ - فَسَقَطَ تَعَلُّقُهُمْ بِعُمَرَ فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ قَيْسِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَتَلَ سَاحِرًا؟ فَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ السَّاحِرُ كَافِرًا أَضَرَّ بِمُسْلِمٍ فَقَتَلَهُ - وَهَكَذَا نَقُولُ.
وَأَيْضًا - فَقَدْ صَحَّ خِلَافُ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -.
فَسَقَطَ تَعَلُّقُهُمْ بِحَدِيثِ قَيْسٍ.
وَأَمَّا حَدِيثُ حَفْصَةَ، وَابْنِ عُمَرَ؟ فَقَدْ قُلْنَا: إنَّهُ لَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي الْآثَارِ الَّتِي ذَكَرُوا فِي ذَلِكَ: فَوَجَدْنَا خَبَرَ الْحَسَنِ مُرْسَلًا، وَلَا حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ - وَلَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهِ مُتَعَلِّقٌ أَصْلًا، لِأَنَّهُ إنَّمَا فِيهِ حَدُّ السَّاحِرِ: ضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ، وَلَيْسَ فِيهِ قَتْلُهُ، وَالضَّرْبَةُ قَدْ تُخْطِئُ فَتَجْرَحُ فَقَطْ، وَقَدْ تَقْتُلُ - فَهُمْ قَدْ خَالَفُوا هَذَا الْخَبَرَ وَأَوْجَبُوا قَتْلَهُ وَلَا بُدَّ.
وَأَمَّا خَبَرُ جُنْدُبَ فَفِي غَايَةِ السُّقُوطِ: أَوَّلُ ذَلِكَ - أَنَّهُ مُرْسَلٌ لَا يُدْرَى مِمَّنْ سَمِعَهُ أَبُو الْعَلَاءِ.
فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْآيَةُ - فَوَجَبَ النَّظَرُ فِيهَا، فَفَعَلْنَا - بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى - وَابْتَدَأْنَا بِأَوَّلِهَا مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة: 102] .
وَقَوْلُهُمْ " يُعَلِّمُونَ " بَدَلٌ مِنْ " كَفَرُوا ".
فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ - فَوَجَدْنَاهُ لَيْسَ كَمَا ظَنُّوا، وَأَنَّ قَوْلَهُمْ هَذَا دَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ، بَلْ الْقَوْلُ الظَّاهِرُ هُوَ أَنَّ الْكَلَامَ تَمَّ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى: {كَفَرُوا} [البقرة: 102] وَكَمُلَتْ الْقِصَّةُ، وَقَامَتْ بِنَفْسِهَا صَحِيحَةٌ تَامٌّ {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} [البقرة: 102] .
ثُمَّ ابْتَدَأَ تَعَالَى قِصَّةً أُخْرَى مُبْتَدَأَةً، وَهُوَ: {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة: 102] فَيُعَلِّمُونَ ابْتِدَاءُ كَلَامٍ لَا بَدَلَ.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 415
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست