responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 266
فَلَمَّا سَقَطَ قَوْلُهُمْ لِتَعَرِّيهِ عَنْ الْبُرْهَانِ رَجَعْنَا إلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، فَوَجَدْنَاهُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] الْآيَةَ، فَلَمْ يَقُلْ تَعَالَى: إلَّا الْوَالِدَ لِوَلَدِهِ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] . فَلَوْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَ تَخْصِيصَ الْأَبِ بِإِسْقَاطِ الْحَدِّ عَنْهُ لِوَلَدِهِ لَبَيَّنَ ذَلِكَ، وَلَمَا أَهْمَلَهُ، حَتَّى يَتَفَطَّنَ لَهُ مَنْ لَا حُجَّةَ فِي قَوْلِهِ. فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذْ عَمَّ وَلَمْ يَخُصَّ، فَإِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُحَدَّ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ وَالْوَلَدُ لِوَالِدِهِ بِلَا شَكٍّ، وَوَجَدْنَاهُ تَعَالَى يَقُولُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء: 135] فَأَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْقِيَامَ بِالْقِسْطِ عَلَى الْوَالِدَيْنِ، وَالْأَقْرَبِينَ كَالْأَجْنَبِيَّيْنِ، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْحُدُودُ وَغَيْرُهَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
حَدَّثَنَا حُمَامٌ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ نا الدَّبَرِيُّ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: لَا عَفْوَ عَنْ الْحُدُودِ، وَلَا عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ تَبْلُغَ الْإِمَامَ فَإِنَّ إقَامَتَهَا مِنْ السُّنَّةِ. فَهَذَا قَوْلُ صَاحِبٍ لَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْهُمْ، وَهُمْ يُعَظِّمُونَ مِثْلَ هَذَا إذَا خَالَفَ تَقْلِيدَهُمْ - وَقَدْ خَالَفُوهُ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَمَّ جَمِيعَ الْحُدُودِ، وَلَمْ يَخُصَّ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا: فِيمَنْ قَذَفَ أُمَّ ابْنِهِ؟ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُهُ: لَيْسَ لِلْوَلَدِ أَنْ يَأْخُذَ أَبَاهُ بِذَلِكَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِذَلِكَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُهُمَا: فِيمَنْ قَذَفَ أُمَّ عَبْدٍ لَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَبْدَهُ الْحَدَّ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُنَا: لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِذَلِكَ. وَالْكَلَامُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ كَالْكَلَامِ فِي الَّتِي قَبْلَهُمَا

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 266
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست