responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 257
يَجُوزُ أَلْبَتَّةَ إلَّا مِنْ الْمَقْذُوفِ فِيمَا قُذِفَ بِهِ، لَا فِيمَا قُذِفَ بِهِ غَيْرُهُ مِنْ أَبِيهِ، وَأُمِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَفْوُ أَحَدٍ عَنْ حَقِّ غَيْرِهِ - وَهُمْ يُجِيزُونَ عَفْوَ الْمَرْءِ عَنْ قَاذِفِ أَبِيهِ الْمَيِّتِ، وَأُمِّهِ الْمَيِّتَةِ - وَهَذَا فَاسِدٌ، وَتَنَاقُضٌ مِنْ الْقَوْلِ، وَالْقَوْمُ أَهْلُ قِيَاسٍ. قَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا عَفْوَ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ مِنْ قَطْعِ يَدِ سَارِقِهِ، وَلَا لِلْمَقْطُوعِ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ فِي الْعَفْوِ عَنْ الْقَاطِعِ عَلَيْهِ لِلْمُحَارِبِ لَهُ، وَلَا لِلْمَزْنِيِّ بِامْرَأَتِهِ، وَأَمَتِهِ، عَنْ الزَّانِي بِهِمَا فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْقَذْفِ وَحَدِّ السَّرِقَةِ، وَلَا لِلْمَقْطُوعِ عَلَيْهِ الطَّرِيقُ فِي الْعَفْوِ عَنْ الْقَاطِعِ.
وَأَمَّا مَا جَاءَ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَإِنَّ عُمَرَ جَلَدَ أَبَا بَكْرَةَ، وَنَافِعًا، وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ، إذْ رَآهُمْ قَذَفَةً - وَلَمْ يُشَاوِرْ فِي ذَلِكَ الْمُغِيرَةَ - وَلَا رَأَى لَهُ حَقًّا فِي عَفْوٍ أَوْ غَيْرِهِ. فَبَطَلَ قَوْلُ مَنْ رَأَى الْعَفْوَ فِي ذَلِكَ جُمْلَةً - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا زَانِيَةٌ فَقَالَتْ زَنَيْتُ مَعَك]
2244 - مَسْأَلَةٌ: فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا زَانِيَةٌ؟ فَقَالَتْ: زَنَيْتُ مَعَك، أَوْ قَالَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ، فَقَالَ: أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ نا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ نا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ فِيمَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: يَا زَانِيَةٌ، فَقَالَتْ: زَنَيْتُ بِك، قَالَ: تُجْلَدُ تِسْعِينَ. وَبِهِ - إلَى حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي حُرَّةَ عَنْ الْحَسَنِ فِي امْرَأَةٍ حُرَّةٍ قَالَتْ لِآخَرَ: زَنَيْت بِك، قَالَ: تُجْلَدُ حَدَّيْنِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلْمَرْأَةِ، أَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلرَّجُلِ: زَنَيْت بِك، فَهَذَا اعْتِرَافٌ مُجَرَّدٌ بِالزِّنَا وَلَيْسَ قَذْفًا؛ لِأَنَّهُ مَنْ قَالَ هَذَا اللَّفْظَ فَإِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ، أَنَّهُ زَنَى وَلَمْ يُخْبِرْ عَنْ الْمَقُولِ لَهُ بِزِنًا أَصْلًا، وَقَدْ يَزْنِي الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ وَهِيَ سَكْرَى، أَوْ مَجْنُونَةٌ، أَوْ مَغْلُوبَةٌ، أَوْ وَهِيَ جَاهِلَةٌ وَهُوَ عَالِمٌ، وَتَزْنِي الْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ كَذَلِكَ. وَكَمَنْ ابْتَاعَ أَمَةً فَإِذَا بِهَا حُرَّةٌ، فَهِيَ زَانِيَةٌ، وَلَيْسَ هُوَ زَانِيًا - فَقَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ إنْ قَالَهُ مُعْتَرِفًا فَعَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا فَقَطْ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَإِنْ قَالَهُ لَهَا شَاتِمًا فَلَيْسَ قَاذِفًا وَلَا مُعْتَرِفًا، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ - لَا لِلزِّنَى وَلَا لِلْقَذْفِ - وَلَكِنْ يُعَزَّرُ لِلْأَذَى فَقَطْ.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 257
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست